التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1939 [ ص: 667 ] 17 - باب: الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان

2044 - حدثنا عبد الله بن أبي شيبة، حدثنا أبو بكر، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. [4998 - فتح: 4 \ 284]


ذكر فيه حديث أبي حصين عثمان بن عاصم بن حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين .

وهو من أفراده، يحتمل أن يكون - عليه السلام - إنما ضاعف اعتكافه في العام الذي قبض من أجل أنه علم بانقضاء أجله، فأراد استكثار عمل الخير، ليسن لأمته الاجتهاد في العمل إذا بلغوا أقصى العمر: ليلقوا الله على خير أحوالهم، وقد روى ابن المنذر حديثا دل على غير هذا المعنى ساقه من حديث ثابت، عن أبي رافع، عن أبي بن كعب : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة .

وقوله: ( كان يعتكف في كل رمضان ) فيه: دلالة على أن الاعتكاف من السنن المؤكدة مما واظب عليه الشارع، فينبغي للمؤمن الاقتداء في [ ص: 668 ] ذلك به، وذكر ابن المنذر، عن ابن شهاب أنه كان يقول: عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتركه منذ دخل المدينة كل عام في العشر الأواخر حتى قبضه الله.

وروى ابن نافع، عن مالك قال: ما زلت أفكر في ترك الصحابة الاعتكاف، وقد اعتكف - عليه السلام - حتى قبضه الله تعالى، وهم أتبع الناس لآثاره حتى أجد بنفسي أنه كالوصال المنهي عنه، وأراهم إنما تركوه لشدته، وأن ليله ونهاره سواء. قال: ولم يبلغني أن أحدا من السلف اعتكف إلا أبو بكر بن عبد الرحمن واسمه المغيرة وابن أخي أبي جهل وهو أحد فقهاء تابعي المدينة .

وقال ابن المنذر : روينا عن عطاء الخراساني أنه كان يقال: مثل المعتكف كمثل عبد ألقى نفسه بين يدي ربه، ثم قال: ربي لا أبرح حتى تغفر لي، ربي لا أبرح حتى ترحمني .

التالي السابق


الخدمات العلمية