التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1960 2066 - حدثني يحيى بن جعفر ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره ، فله نصف أجره" . [5192 ، 5195 ، 5360 - مسلم: 1026 - فتح: 4 \ 301]


ذكر فيه حديث عائشة رفعته : "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة ، كان لها أجرها بما أنفقت ، ولزوجها بما كسب ، وللخازن مثل ذلك ، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا" .

وحديث أبي هريرة مرفوعا : "إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره ، فله نصف أجره" .

هذا باب في أصل الدمياطي هنا ، وهو مؤخر بعده في الشروح كلها وفي غيره .

[ ص: 76 ] وقوله : في التبويب ( أنفقوا ) كذا هو في بعض الروايات ، وفي بعض رواة أبي الحسن : (كلوا) ، والأول : التلاوة ، ولعل الثاني سبق قلم ، فالآية الأخرى كلوا من طيبات ما رزقناكم [البقرة : 57] والطيب : الحلال وكذا كل ما في القران من ذكر الطيبات .

وحديث عائشة سلف في باب : من أمر خادمه بالصدقة سواء متنا [ ص: 77 ] وإسنادا ، ولا تنافي بينه وبين حديث أبي هريرة : لأن قوله : ("لها نصف أجره") يريد أن أجر الزوج وأجر مناولة الزوجة يجتمعان فيكون لكل النصف ، فذلك النصف هو أجرها كله ، والنصف الذي للزوج هو أجره كله . وعلى هذا تتخرج رواية أبي الحسن : "فله نصف أجره" أي : نصف أجرها .

قلت : والأول : لم يعين أجرها ولا مقداره ، وفي الثاني : للزوج نصف أجره لكونه لم يأذن ، فلو أذن استوفى الأجر كله .

وقال المنذري : هو على المجاز أي : أنهما سواء في المثوبة كل واحد منهما له أجر كامل ، وهما اثنان فكأنهما نصفان . وقيل : يحتمل أن أجرهما مثلان ، فأشبه الشيء المنقسم بنصفين ، وأن نية هؤلاء وإخراجهم الصدقة ماثلت قدر ما خرج من مال الآخر بغير يده أو يكون ذلك فضلا من الله ، إذ الأجور ليست بقياس ، ولا بحسب الأعمال ، وذلك من فضل الله العميم .

وفي الآية : الأمر بالإنفاق والصدقة من حلال الكسب والتجارة .

وفي الحديث : صدقة المرأة من غير إذن زوجها ، وإنما يباح ما يعلم أن نفسه تطيب به ولا يشح بمثله فيؤجر كل منهما ; لتعاونه على الطاعة ، وقد سلف بسطه في الزكاة . وفي "مسند أبي داود الطيالسي" و "سنن البيهقي" من حديث ابن عمر رفعه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن عليها [ ص: 78 ] -في هذه الحالة- الوزر وله الأجر" . قال البيهقي : فإن كان هذا محفوظا فيحمل الأول على إنفاقها مما أعطاها الزوج من قوتها ، وبذلك أفتى أبو هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية