التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1979 2085 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا جرير بن حازم ، حدثنا أبو رجاء ، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة ، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر ، فيرجع كما كان ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : الذي رأيته في النهر آكل الربا" . [انظر : 845 - مسلم: 2275 - فتح: 4 \ 313]


ذكر فيه حديث عائشة : لما نزلت آخر البقرة قرأهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم في المسجد ، ثم حرم التجارة في الخمر .

وحديث سمرة بن جندب : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "رأيت الليلة رجلين أتياني ، فأخرجاني إلى أرض مقدسة ، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان ، فجعل كلما جاء ليخرج . . . " الحديث .

ثم فسره بأنه أكل الربا .

[ ص: 160 ] هذه الترجمة شمل فيها . حديث ابن مسعود : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله .

قال أحد رواته : قلت : وكاتبه وشاهديه ؟ فقال : إنما نحدث بما سمعناه .

وعن جابر : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : "هم سواء" وهما من أفراد مسلم . وحديث سمرة سلف قطعة منه في الصلاة في باب : عقد الشيطان على قافية الرأس ، وآخر الجنائز مطولا ، ويأتي في التعبير إن شاء الله تعالى . وحديث عائشة سلف في الصلاة .

ومعنى يأكلون في الآية : يأخذون ، عبر به عن الأخذ ; لأنه الأغلب .

والربا : الزيادة ، وفي معناه : كل قرض جر منفعة ، ويكتب بالواو والياء والألف ، وبالميم بدل الباء مع المد ، والربية بالضم والتخفيف لغة فيه .

لا يقومون أي : من قبورهم ، وهو يوم القيامة .

يتخبطه يخفقه الشيطان من المس وهو الجنون ، وذلك لغلبة السوداء ، فنسب إلى الشيطان تشبيها بما يفعله من إغوائه به ، أو هو فعل الشيطان ; لجوازه عقلا ، وهو ظاهر الآية . وعلامة آكل الربا يوم القيامة [ ص: 161 ] أن الناس يخرجون من قبورهم سراعا إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون ، ويريدون السرعة فلا يقدرون .

وقوله في حديث سمرة : "فأخرجاني إلى أرض مقدسة" أي : مطهر ، وهي دمشق وفلسطين . وترجم على الشاهد والكاتب ، ولم يذكر فيه حديثا ، وقد ذكرته لك ، وكأنه لما أعان على أكل الربا بشهادته وكتابته وكان سببا فيه معينا عليه ; فلذلك ألحق به في اللعن ، كما ستعلمه .

وروى الجوزي من حديث أبان عن أنس مرفوعا : "يأتي آكل الربا يوم القيامة مخبلا يجر شقه" ثم قرأ الآية . قلت : لأن الربا ثقله يعجز عن الإيفاض ، والفرق بين البيع (والربا) بزيادات ; لأنه في البيع أخذ عوضا عن ماله ، وهو في الربا أخذ من غير مقابل ، والإمهال ليس مالا . حتى يجعل عوضا .

قال ابن النقيب : والصحيح أن الآية من العموم الذي خص من المجمل ، ثم جمهور العلماء على أن عقد الربا مفسوخ . وقال أبو حنيفة : هو فاسد ، إذا أزيل عنه ما يفسده انقلب صحيحا . وأكل الربا محرم بنص القرآن -كما سلف- وهو من الكبائر المتوعد عليها بمحاربة الله ورسوله ، وبما ذكره في الحديث .

قال الماوردي : أجمع المسلمون على تحريمه وعلى أنه من الكبائر ، وقيل : إنه كان محرما في جميع الشرائع .

التالي السابق


الخدمات العلمية