التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1982 [ ص: 180 ] 27 - باب: ما يكره من الحلف في البيع

2088 - حدثنا عمرو بن محمد ، حدثنا هشيم ، أخبرنا العوام ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، أن رجلا أقام سلعة -وهو في السوق- فحلف بالله لقد أعطى بها ما لم يعط ، ليوقع فيها رجلا من المسلمين ، فنزلت : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا [آل عمران : 77] [2675 ، 4551 - فتح : 4 \ 316]


ذكر فيه حديث عبد الله بن أبي أوفى : أن رجلا أقام سلعة -وهو في السوق- فحلف بالله لقد أعطى بها ما لم يعط ; ليوقع فيها رجلا من المسلمين ، فنزلت : إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا .

حديث الباب من أفراده ، وعنده في موضع آخر عن ابن مسعود مرفوعا في حديث الأشعث ، وسيأتي أنها نزلت في من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم .

ومعنى بعهد الله : أمره ونهيه ، أو ما جعل في العقل من الزجر عن الباطل والانقياد إلى الحق لا خلاق : من الخلق ، وهو النفس ، أو من الخلق أي : لا نصيب لهم مما يوجبه الخلق الكريم .

ولا يكلمهم بما يسرهم ، بل بما يسوءهم عند الحساب بقوله إن علينا حسابهم [الغاشية : 26] ، أو لا يكلمهم أصلا ، بل يكل حسابهم إلى الملائكة ، ويسمع كلامه أولياؤه ، أو يغضب عليهم كما [ ص: 181 ] تقول : فلان لا يكلم فلانا .

ولا ينظر إليهم : لا يبرهم ولا يمن عليهم ولا يزكيهم أي : لا يقضي بزكاتهم ، نزلت في من يحلف أيمانا فاجرة لينفق بها بيع سلعته ، أو في الأشعث نازع خصما في أرض ، فقام ليحلف ، فنزلت ، فنكل الأشعث واعترف بالحق ، أو في أربعة من أحبار اليهود كتبوا كتابا وحلفوا أنه من عند الله فيما ادعوه أنه ليس عليهم في الأميين سبيل .

أليم : موجع حيث وقع ، وهذا الوعيد الشديد في هذه اليمين الغموس لما جمعت من المعاني الفاسدة ، وكذا كذبه في اليمين بالله تعالى ، وهو أصل ما يحلف فيه ، وغرر المسلمين ، واستحلال مال المشتري بالباطل الذي لا يدوم في الدنيا عوضا عما كان يلزمه من تعظيم حق الله تعالى والوفاء بعهده والوقوف عند أمره ونهيه ، فخاب متجره وخسرت صفقته .

وفي "تفسير الطبري" : أنها نزلت في رافع ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وابن أبي الأشرف ، وحيي بن أخطب . وفي "تفسير أبي القاسم الجوزي" : عن ابن عباس : نزلت في ناس من علماء اليهود أصابتهم فاقة ، فجاءوا إلى كعب بن الأشرف ، فسألهم كعب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : نعم ، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال كعب : لقد حرمتم خيرا كثيرا ، فنزلت . وقيل : نزلت في الذين حرفوا التوراة ، حكاه الزمخشري .

[ ص: 182 ] والوجه أن نزولها في أهل الكتاب ، وفي "المستدرك" صحيحا عن قيس بن أبي غرزة مرفوعا : "يا معشر التجار ، إنه يشهد بيعكم اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة" .

وفيه -أيضا- مصحح الإسناد عن إسماعيل بن عبيد ، عن ابن رفاعة بن رافع الزرقي ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : "يا معشر التجار ، إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق" ، وفيه -أيضا- مثله عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا : "إن التجار هم الفجار" ، فقالوا : يا رسول الله : أليس الله قد أحل البيع ؟ قال : "بلى ، ولكنهم يحلفون فيأثمون ، ويحدثون فيكذبون" .

قال الداودي : هذا جزاؤه إن لم يتب . يريد : أنه يتحلل صاحبه إلا أن يرضي الله خصمه بما شاء ويتجاوز عنه ، أو يأخذ له من حسناته ، أو يلقي عليه من سيئاته .

[ ص: 183 ] وأما الحلف فهو بينه وبين الله ، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه . قال بعض العلماء : الذنوب كلها ، الباري تعالى يقتص للبعض من البعض بأخذ حسنات الظالم أو بإلقاء السيئة عليه . وقيل : نزلت الآية في رجلين اختصما في أرض ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمين على المدعى عليه فقال : المدير إذا يحلف . فنزلت .

التالي السابق


الخدمات العلمية