التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
1984 2090 - حدثنا إسحاق ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله حرم مكة ، ولم تحل لأحد قبلي ، ولا لأحد بعدي ، وإنما حلت لي ساعة من نهار ، ولا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف" . وقال عباس بن عبد المطلب : إلا الإذخر لصاغتنا ولسقف بيوتنا . فقال : "إلا الإذخر" . فقال عكرمة هل تدري ما ينفر صيدها ؟ هو أن تنحيه من الظل ، وتنزل مكانه .

قال عبد الوهاب ، عن خالد : لصاغتنا وقبورنا . [انظر : 1349 - مسلم: 1353 - فتح: 4 \ 317]


ثم ذكر فيه حديث علي : كانت لي شارف من نصيبي من المغنم . . . وساق الحديث .

وفيه : واعدت رجلا صواغا من بني قينقاع أن يرتحل معي فنأتي بإذخر .

[ ص: 185 ] وحديث عكرمة ، عن ابن عباس قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "إن الله حرم مكة . . . " الحديث إلى قوله : "إلا الإذخر فإنه لصاغتنا ولسقف بيوتنا" .

الشرح : التعليقان الأولان مسندان كما سلف ، وحديث علي ساقه -أيضا- مطولا بقصة حمزة وإنشادها :

ألا يا حمز للشرف النواء

والشارف : المسن من النوق ، وفيه في مسلم : بأنه المسن الكبير . والمعروف أنه النوق خاصة لا من الذكور ، وبه جزم ابن التين حيث قال : إنها المسنة من الإبل . وحكى الحربي عن الأصمعي أنه يقال : شارف للذكر والأنثى ، ويجمع على شرف ، ومنه البيت المذكور ، ولم يأت فعل جمع فاعل إلا قليلا ، كما قاله عياض . وفي "المخصص" عن الأصمعي : ناقة شارف وشروف ، قال سيبويه : جمع الشارف : شرف ، والقول في الشارف كالقول في البازل -يعني : خروج نابها- أبو حاتم : شارفة ، صاحب "العين" ، والجمع : شوارف . ولا يقال للبعير شارف . وقال في "المحكم" : الشارف من الإبل : المسن والمسنة ، والجمع : شرف وشرف ، وفي "الجامع" : هي الناقة المسنة ، وتجمع شرفا وشوارف .

[ ص: 186 ] والنواء : ذكره ابن ولاد في الممدود المكسور أوله : السمان من الإبل . وفي "التهذيب" : النوى : الشحم واللحم أيضا . نوت الناقة : سمنت ، فهي ناوية والشعر لعبد الله بن السائب جد أبي السائب المخزومي ، فيما ذكره ابن المرزباني وأن القينة تمثلت به . وحديث عكرمة عن ابن عباس سلف في الحج ، وشيخ البخاري فيه إسحاق هو ابن شاهين الواسطي ، قاله ابن ماكولا وابن البيع ، وصرح به الإسماعيلي وأبو نعيم .

وقوله : (وقال عبد الوهاب عن خالد : لصاغتنا وقبورنا) سلف مسندا قبل .

إذا تقرر ذلك :

ففيما ذكر أن الصياغة صناعة جائز التكسب منها ، والصواغ إذا كان عدلا لا تضره صناعته ; لأنه - عليه السلام - قد أجازه .

وفيه : جواز بيع الإذخر وسائر المباحات والاكتساب منها للرفيع والوضيع .

وفيه : الاستعانة بأهل الصناعة فيما ينفق عندهم ، والاستعانة على الولائم والتكسب لها من طيب الكسب ، وأن طعام الوليمة على [ ص: 187 ] الناكح . ولم يختلف أهل السير كما قاله ابن بطال في غير هذا الباب أن الخمس لم يكن يوم بدر . وذكر إسماعيل القاضي أنه كان في غزوة بني النضير حين حكم سعدا .

قال : وأجيب أن بعضهم قال : ترك أمر الخمس بعد ذلك . وقيل : إنما كان الخمس يقينا في غنائم حنين ، وهي آخر غنيمة حضرها سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وإذا كان كذلك فيحتاج قول علي إلى تأويل .

قلت : ذكر ابن إسحاق أن عبد الله بن جحش لما بعثه - عليه السلام - في السنة الثانية إلى نخلة في رجب ، وقيل : عمرو بن الحضرمي وغيره واستاقوا الغنيمة ، وهي أول غنيمة ، قسم ابن جحش الغنيمة وعزل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس وذلك قبل أن يفرض الخمس فأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الخمس والأسيرين ، ثم ذكر خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر في رمضان فقسم غنائمها مع الغنيمة الأولى وعزل الخمس فيكون قول علي : شارفي من نصيبي من المغنم . يريد : يوم بدر . ويكون قوله : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارفا قبل ذلك من الخمس قبله من غنيمة ابن جحش .

وقال الداودي : فيه دليل أن آية الخمس نزلت يوم بدر ; لأنه لم يكن قبل بنائه بفاطمة مغنم غيره ، وذلك كله سنة اثنتين من الهجرة في رمضان ، وكان بناؤه بفاطمة بعد ذلك .

[ ص: 188 ] قال : وذكر أبو محمد في "جامع مختصره" أنه تزوجها في السنة الأولى . قال : ويقال : في الثانية على رأس اثنين وعشرين شهرا ، وهذا كان بعد بدر ; لأن بدرا كانت على سنة ونصف من مقدمه المدينة ، وهذا يعضد ما قاله الداودي .

وذكر أبو عمر عن عبد الله بن محمد بن سليمان الهاشمي : نكحها بعد وقعة أحد . وقيل : تزوجها بعد بنائه بعائشة بسبعة أشهر ونصف .

وقال ابن الجوزي : بنى بها في ذي الحجة وقيل : في رجب . وقيل : في صفر من السنة الثانية .

وفي كتاب ابن شبة من رواية أبي بكر بن عياش أنه - عليه السلام - غرم حمزة الناقتين . وقد قام الإجماع على أن ما أتلفه السكران من الأموال يلزمه ضمانه كالمجنون ، والسنام المقطوع حرام ، والحالة هذه بالإجماع ، فإن سبقت التذكية فلا شك في حله وخالف عكرمة وإسحاق وداود فقالوا : لا تحل ذبيحة الغاصب ولا بيعه .

وفي الحديث : الاستعانة باليهود ومعاملتهم وإن كان مالهم يخالطه الربا .

(وقينقاع) : نونه مثلثة كما سلف أول الباب أول البيوع .

وقوله : (فلما أردت أن أبني بفاطمة) . البناء : الدخول ، والأصل فيه أنهم كانوا إذا أراد أحدهم الدخول على أهله رفع قبة أو بناء يدخلان فيه .

وقوله : (في وليمة عرسي) الوليمة : الطعام الذي يصنع عند العرس ، والعرس -بضم الراء وإسكانها مهملة : الأملاك والبناء . وقيل : هو طعامه خاصة- أنثى وقد يذكر ويصغر بغيرها ، وهو نادر ; لأن حقه الهاء إذ هو [ ص: 189 ] مؤنث على ثلاثة أحرف . والجمع : أعراس وعروسات . والعروس : نعت الرجل والمرأة ؟ رجل عروس في رجال أعراس ، وامرأة عروس في نسوة عرائس ، ذكره ابن سيده .

وقال الأزهري : العرس طعام الوليمة وهو من أعرس الرجل بأهله إذا بنى عليها ودخل بها ، وتسمى الوليمة عرسا والعرب تؤنثه .

وفي "الموعب" : العرس هو طعام الزفاف . والعرس هو الطعام الذي يمد للعروس . وقال ابن دينار : سألت أبا عثمان عن اشتقاق العروس ، فقال : قالوه تفاؤلا ، من قولهم عرس الصبي بأمه إذا ألفها . ووقع في كتاب الشرب عند البخاري : و (معي صائغ) .

قال ابن التين عند أبي الحسن قال علي : (ومعي طالع) . أي : يدله على الطريق ووقع في بعض رواياته : (فأفظعني) .

قال ابن فارس : أفظع الأمر وفظع اشتد ، وهو مفظع وفظيع .

وفيه من الفقه : تضمين الجنايات بين ذوي الأرحام ، والعادة فيها أن تهدر من أجل القرابة .

وقوله : (هل أنتم إلا عبيد لأبي) . قيل : أراد أن أباه جدهم والأب كالسيد .

وقيل : كان ثملا . فقال ما ليس جدا .

[ ص: 190 ] وفيه : وذلك قبل تحريم الخمر .

احتج به من لا يرى بوقوع طلاق السكران كما قال ابن الجوزي .

ووهى النووي مقالة من قال : إن السكر لم يزل محرما فقال : هو قول من لا تحصل له أن السكر لم يزل محرما فباطل لا أصل له ولا يعرف .

وفيه : ما كانوا عليه من القلة .

وفيه : طلبهم الكفاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية