التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
11 [ ص: 493 ] بسم الله الرحمن الرحيم ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا [الكهف: 10]

5 - باب : أي الإسلام أفضل؟

11 - حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قالوا يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده". [مسلم 43 - فتح: 1 \ 54]
نا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي نا أبي نا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قالوا: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده".

الكلام عليه من وجوه:

أحدها:

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا من هذا الوجه. وعن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن أبي أسامة، عن أبي بردة، وفيه: أي المسلمين أفضل؟ ثانيها: في التعريف برواته:

أما أبو موسى فهو عبد الله (ع) بن قيس بن سليم -بضم السين- بن حضار- بفتح الحاء المهملة وتشديد الضاد المعجمة، وقيل: بكسر الحاء وتخفيف الضاد- الأشعري الصحابي الكبير استعمله - صلى الله عليه وسلم - على زبيد وعدن، وساحل اليمن، واستعمله عمر على الكوفة والبصرة، وشهد وفاة أبي عبيدة بالأردن، وخطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق على معاوية.

[ ص: 494 ] له ثلاثمائة وستون حديثا، اتفقا منها على خمسين، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بخمسة عشر. روى عنه أنس بن مالك، وطارق بن شهاب، وخلق من التابعين، وبنوه: أبو بردة، وأبو بكر، وإبراهيم، وموسى.

مات بمكة أو بالكوفة سنة خمسين أو إحدى أو أربع وأربعين عن ثلاث وستين، وكان من علماء الصحابة ومفتيهم، قال علي في حقه: صبغ في العلم صبغة ثم أخرخ منه.

فائدة:

أبو موسى في الصحابة أربعة: هذا، والأنصاري، والغافقي مالك بن عبادة أو ابن عبد الله، وأبو موسى الحكمي.

وفي الرواة أبو موسى جماعة منهم في "سنن أبي داود" اثنان، [ ص: 495 ] وآخر في "سنن النسائي".

وأما الراوي عنه فهو: أبو بردة عامر (ع)، - وقيل: الحارث، وقيل: اسمه كنيته- ابن أبي موسى الكوفي التابعي الثقة الجليل، قاضي الكوفة بعد شريح، وبها مات سنة ثلاث أو أربع ومائة، سمع أباه وعليا وغيرهما، وعنه خلق من التابعين وغيرهم، قيل: توفي هو والشعبي في جمعة واحدة.

فائدة:

في الصحابة أبو بردة سبعة منهم: ابن نيار البلوي هانئ أو الحارث أو مالك، وفي الرواة: أبو بردة الآتي بريد بن عبد الله.

وأما الراوي عنه فهو أبو بردة (ع) بريد -بضم أوله- ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الكوفي، يروي عن أبيه وجده والحسن وعطاء، وعنه: ابن المبارك وغيره من الأعلام، وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: ليس بالمتقن، يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس بذاك القوي. وقال [ ص: 496 ] أحمد بن عبد الله: كوفي ثقة.

وقال ابن عدي: روى عنه الأئمة، وأدخلوه في صحاحهم وهو صدوق، وأرجو أن لا يكون به بأس. وأنكر ما روي عنه ما رواه مرفوعا عن جده. "إذا أراد الله بأمة خيرا، قبض نبيها قبلها" وهذا طريق حسن، رواته ثقات.

قلت: أخرجه مسلم في كتاب الفضائل معلقا.

فائدة:

ليس في الكتب الستة بريد غير هذا. وفي الأربعة: بريد بن أبي مريم مالك، وفي "مسند علي" للنسائي: بريد بن أصرم وهو مجهول، كما قال البخاري. وليس في الصحابة من اسمه بريد، ويشتبه بريد بأربعة أشباه وهم: يزيد، وبريد، وبرند، تزيد وقد أوضحتهم في "مشتبه النسبة".

[ ص: 497 ] وأما الراوي عنه فهو: أبو أيوب يحيى (ع) بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي الكوفي، سكن بغداد، سمع الأعمش وغيره من التابعين فمن بعدهم، وعنه: أحمد والأعلام. وهو ثقة، مات في شعبان سنة أربع وتسعين ومائة، وبلغ الثمانين، وقيل: ابن أربع وسبعين.

فائدة:

في الكتب الستة يحيى بن سعيد أربعة: أحدهم هذا، وثانيهم: التيمي الكوفي، وثالثهم: القطان، ورابعهم: الأنصاري قاضي المدينة، وفي مسلم: يحيى بن سعيد بن العاص الأموي تابعي، وذكر في الصحابة وهو فرد فيهم إن صحت.

وفي الرواة يحيى بن سعيد العطار ضعيف، ويحيى بن سعيد [ ص: 498 ] الفارسي قاضي شيراز ضعيف أيضا، قال ابن الجوزي في "ضعفائه" بعد ذكرهما; وجملة من يجيء في الحديث يحيى بن سعيد ستة عشر ما عرفنا طعنا إلا في هذين قلت: ويحيى بن سعيد الراوي عن سالم القداح، صالح الحديث له مناكير، ويحيى بن سعيد السعدي. وقيل: ابن سعد. وهاه ابن حبان.

وأما الراوي عنه فهو أبو عثمان سعيد بن يحيى البغدادي، سمع أباه وغيره، وعنه الأعلام: أبو زرعة وغيره، وروى له الجماعة إلا ابن ماجه، مات في ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين.

وثقوه، وقال علي بن المديني: هو أثبت من أبيه، وقال صالح بن محمد: هو ثقة إلا أنه كان يغلط.

فائدة:

في الرواة أيضا سعيد بن يحيى الواسطي. روى له مسلم وابن [ ص: 499 ] ماجه، وسعيد بن يحيى الكوفي روى له البخاري، والنسائي، وابن ماجه وسعيد بن يحيى الحميري روى له البخاري والترمذي.

الوجه الثالث:

معنى (أي الإسلام أفضل؟): أي خصاله، وجاء في هذا الحديث أنه: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" وفي الحديث الآتي: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام".. إلى آخره.

والجمع بينهما أنه بحسب اختلاف حال السائل، فظهر من أحدهما قلة المراعاة لليد واللسان. ومن الآخر كبر وإمساك عن الإطعام، أو تخوف - صلى الله عليه وسلم - عليهما ذلك، أو الحاجة في وقت سؤال كل واحد منهما أمس بما أجاب به.

قال الخطابي: فجعل أعلاها الإطعام الذي هو قوام الأبدان، ثم جعل خير الأقوال في البر والإكرام إفشاء السلام الذي يعم ولا يخص بمن عرفه حتى يكون خالصا لله تعالى بريئا من حظ النفس والتصنع; لأنه شعار الإسلام، فحق كل مسلم فيه شائع، وقد روي في حديث: أن السلام في آخر الزمان يكون للمعرفة وإنما أجاب عليه [ ص: 500 ] - صلى الله عليه وسلم - بالذات، والسؤال عن المعنى وهو خصال الإسلام; لأن المقصود السؤال عن الذات التي تشرف بالمعنى.

التالي السابق


الخدمات العلمية