التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2069 [ ص: 445 ] 79 - باب: بيع الدينار بالدينار نساء

2178 ، 2179 - حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، حدثنا ابن جريج قال : أخبرني عمرو بن دينار ، أن أبا صالح الزيات أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم .

فقلت له : فإن ابن عباس لا يقوله . فقال أبو سعيد : سألته فقلت : سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو وجدته في كتاب الله ؟ قال : كل ذلك لا أقول ، وأنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني ، ولكنني أخبرني أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا ربا إلا في النسيئة" . [انظر : 2176 - مسلم: 1584 و 1596 - فتح: 4 \ 381]


ذكر فيه حديث أبي صالح الزيات عن أبي سعيد قال : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم .

فقلت له : فإن ابن عباس لا يقوله . فقال أبو سعيد : سألته فقلت : سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أو وجدته في كتاب الله ؟ قال : كل ذلك لا أقول ، وأنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني ، ولكن أخبرني أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا ربا إلا في النسيئة" .

هذا الحديث سلف في آخر باب : الطعام قبل أن يقبض ، واضحا مع الجواب عنه ، فراجعه ، وأخرجه مسلم والنسائي أيضا وابن ماجه في : التجارات .

وقال ابن بطال : اختلف العلماء في تأويله ، فروي عن قوم من السلف أنهم أجازوا بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة يدا بيد [ ص: 446 ] متفاضلة ، رواه سعيد بن جبير ، عن ابن عباس . قال : ما كان ربا قط في هات وهات . ورواية عن (ابن عمر) وهو قول عكرمة وشريح . واحتجوا بظاهر حديث أسامة ، فدل أن ما كان نقدا فلا بأس بالتفاضل فيه ، وخالف جماعة العلماء بعدهم هذا التأويل ، وقالوا : قد عارض ذلك حديث أبي سعيد الخدري ، وحديث أبي بكرة ، وقد أنكره أبو سعيد عليه كما سلف ، فهذه السنن الثابتة لا تأويل لأحد معها ، فلا معنى لما خالفها ، وقد تأول بعض العلماء : "لا ربا إلا في النسيئة" أنه خرج على جواب سائل سأل عن الربا في الذهب بالورق والبر بالتمر أو نحو ذلك مما هو جنسان ، فقال - عليه السلام - "لا ربا إلا في النسيئة" فسمع أسامة كلامه ولم يسمع السؤال فنقل ما سمع .

وقال الطبري : المراد به الخصوص ، ومعناه : لا ربا إلا في النسيئة إذا اختلفت أنواع المبيع ، فأما إذا اتفقت فلا يصلح بيع شيء منه من نوعه إلا مثلا بمثل ، والفضل فيه يدا بيد ربا ، وقد قامت الحجة ببيانه - عليه السلام - في الذهب والفضة وعكسه ، والحنطة بالتمر نساء أنه لا يجوز متفاضلا ولا مثلا بمثل فعلمنا أن قوله "لا ربا إلا في النسيئة" هو فيما اختلفت أنواعه دون ما اتفقت .

وفيه : مناظرة العالم للعالم وتوقيفه على معنى قوله ، ورده من الاختلاف إلى الإجماع ، وإقرار الصغير للكبير بفضل المتقدم ; لقول ابن عباس لأبي سعيد : أنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني .

[ ص: 447 ] والنساء : التأجيل : يقال : باع منه بنسيئة ونظرة وأخرة ودين ، كله بمعنى واحد ، ومنه قوله تعالى : إنما النسيء زيادة في الكفر [التوبة : 37] يعني : تأخير الأشهر الحرم التي كانت العرب في الجاهلية تفعلها من تأخير المحرم إلى صفر ، ومنه انتسأ فلان على فلان تباعد عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية