التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2071 [ ص: 449 ] 81 - باب: بيع الذهب بالورق يدا بيد

2182 - حدثنا عمران بن ميسرة ، حدثنا عباد بن العوام ، أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه رضي الله عنه قال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب ، إلا سواء بسواء ، وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا ، والفضة بالذهب كيف شئنا . [انظر : 2175 - مسلم: 1590 - فتح: 4 \ 383]


ذكر حديث أبي بكرة السالف قريبا في باب : بيع الذهب بالذهب .

وحديث أبي المنهال السالف في باب : التجارة في البر ، ولفظه : نهى عن بيع الورق بالذهب دينا ، وأسلفنا هناك أن مسلما أخرجه أيضا .

وأبو المنهال هو : عبد الرحمن بن مطعم البصري كما سلف أيضا هناك . وقد قام الإجماع على أنه لا تجوز النسيئة ، وهي : التأخير في بيع الذهب بالورق ولا عكسه ، كما لا يجوز في بيع كل منهما بمثله ، وهو الربا المحرم في القرآن ، وفي هذا الحديث حجة للشافعي في قوله : من كان له على رجل دراهم ولذلك الرجل دنانير ، فلا يجوز أن يقاض أحدهما ما له بما عليه ، وإن كان قد حل أجلهما جميعا ; لأنه يدخل في معنى النهي عن بيع الذهب بالورق دينا ; لأنه غائب بغائب ، وإذا لم يجز غائب بناجز ، فأحرى أن لا يجوز غائب بغائب . وأجاز ذلك مالك إذا كانا قد حلا جميعا ، فإن كانا إلى [ ص: 450 ] أجل لم يجز ; لأنه يكون ذهبا بفضة متأخرا . وقال أبو حنيفة : يجوز في الحال وغير الحال ، حجة من فصل أنه إذا حل الدين واجتمع المتضاربان فإن الذمم تبرأ كالعين إذا لم يفترقا إلا وقد تفاضلا في صرفهما ، والغائب لا يحل بيعه بناجز ولا بغائب مثله ، وحجته حديث ابن عمر : كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ الدراهم أو بالعكس ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال : "لا بأس به إذا كان بسعر يومكما ما لم تفترقا وبينكما شيء" وحجة من جوزه مطلقا أنه - عليه السلام - لم يسأله عن الدين أحالي هو أو مؤجل ؟ دل ذلك على استواء الحكم فيهما .

[ ص: 451 ] ولو كان بينهما فرق لوقفه عليه .

وأما تقاضي الدنانير من الدراهم وعكسه من غير أن يكون على الآخر فأجازه عمر بن الخطاب وابنه ، وروي عن عطاء والحسن وطاوس والقاسم ، وبه قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، وقال كثير منهم : إذا كان بسعر يومه ، ورخص فيه أبو حنيفة بسعر ذلك وبأغلى وبأرخص ، وكره ذلك ابن [ ص: 452 ] عباس وأبو سلمة وابن شبرمة ، وهو قول الليث ، وروي عن طاوس قول ثالث أنه كرهه في البيع ، وأجازه في القرض .

قال ابن المنذر : والقول الأول أولى لحديث ابن عمر . قلت : ولا يدخل هذا في نهيه - عليه السلام - عن بيع الذهب بالورق ربا ، لأن الذي يقتضي الدراهم من الدنانير لم يقصد تأخيرا في الصرف ولا نواه ولا عمل عليه فهذا الفرق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية