التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2109 [ ص: 554 ] 102 - باب: قتل الخنزير

وقال جابر : حرم النبي رسول الله بيع الخنزير .

2222 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد" . [2476 ، 3448 ، 3449 - مسلم: 155 - فتح: 4 \ 414]


ثم ساق حديث أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد" .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، وتعليق جابر سيأتي بعد مسندا بلفظ : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح بمكة يقول : "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" .

ومعنى : "ليوشكن" : ليسرعن ، يقال : أوشك فلان خروجا من العجلة ، وقال الداودي : ليكونن ، قال : ويوشك يأتي بمعنى : يكون ، وبمعنى : يقرب أن ينزل ، أي : من السماء فإن الله رفعه إليها وهو : حي ، "مقسطا" أي : عدلا .

وقوله : ("فيكسر الصليب") أي : بعد قتل أهله .

"ويقتل الخنزير" أي : يفنيه فلا يؤكل ، وقيل : يحتمل أنه ليضعف

[ ص: 555 ] أهل الكفر عندما يريد قتالهم ، ويحتمل أن يقتله بعدما يغلبهم ، وإنما كان ذلك ; لأنه نازل بتقرير هذه الشريعة .

ومعنى "يضع الجزية" يحمل الناس كلهم على الإسلام ، ولا حاجة لأحد إذ ذاك إلى الجزية ; لأنها إنما تؤخذ لتصرف في المصالح ، ولا عدو إذ ذاك للدين والمال فاض فلا حاجة إليها .

وقوله : ("ويفيض المال") أي : يكثر ويتسع ، وهو بالنصب عطفا على ما قبله كما ضبطه الدمياطي . قال ابن التين : إعرابه بالضم ; لأنه مستأنف غير معطوف ; لأنه ليس من فعل عيسى ، قال : ويصح أن يعطف على ما عملت فيه أن فينصب ، وظاهره قتل الخنزير مطلقا ، وإن لم تعد حكمته ما أسلفناه .

وقال ابن التين في موضع آخر : فيه : إبطال لقول من شذ من الشافعية إذ جوز تركه إذا لم يكن فيه ضراوة ، ومذهب الجمهور : أنه إذا وجد الخنزير في دار الكفر وغيرها وتمكنا من قتله قتلناه . وقد قام الإجماع على أن بيعه وشراءه حرام ، وعلى قتل كل ما يستضر به ويؤذى مما لم يبلغ أذى الخنزير ، كالفواسق التي أمر الشارع بقتلها في الحل والحرم للحلال والمحرم ، فالخنزير أولى بذلك لشدة أذاه ، ألا ترى أن عيسى - صلى الله عليه وسلم - يقتله عند نزوله ، فقتله واجب كذا قال ابن بطال .

ثم قال : وفيه : دليل على أن الخنزير حرام في شريعة عيسى ، وقتله له تكذيب للنصارى أنه حلال في شريعتهم .

واختلف العلماء في الانتفاع بشعره فكرهه ابن سيرين والحكم ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق . وقال الطحاوي عن أصحابه : لا ينتفع من الخنزير بشيء ، ولا يجوز بيع شيء منه ، ويجوز للخرازين [ ص: 556 ] أن (يبيعوا) شعرة وشعرتين للخرازة ، ورخص فيه الحسن وطائفة . ذكر عن مالك : أنه لا بأس بالخرازة بشعره ، فعليه أنه لا بأس ببيعه وشرائه .

وقال الأوزاعي : يجوز للخراز أن يشتريه ، ولا يجوز له بيعه . قال المهلب : وظاهر الحديث : أن الناس كلهم يدخلون في الإسلام ، ولا يبقى من يخالفه ، وهو كما قال . وقد استدل به البيهقي في "سننه" أن الخنزير أسوأ حالا من الكلب ; لأنه لم ينزل بقتله بخلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية