التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
208 [ ص: 370 ] 52 - باب: هل يمضمض من اللبن؟

211 - حدثنا يحيى بن بكير وقتيبة قالا: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا، فمضمض وقال: "إن له دسما". تابعه يونس وصالح بن كيسان، عن الزهري. [5609 - مسلم: 358 - فتح: 1 \ 313]


حدثنا يحيى بن بكير وقتيبة قالا: ثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا، فمضمض وقال: "إن له دسما". تابعه يونس وصالح بن كيسان، عن الزهري.

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في الأشربة، وأخرجه مسلم أيضا، ومتابعة يونس أخرجها مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، ثنا يونس، عن ابن شهاب به، وتابعه أيضا الأوزاعي وعمرو بن الحارث، وذكر ابن جرير الطبري فيه اضطرابا حيث روي عن الزهري، عن ابن عباس، وعنه عن عبيد الله بحذف ابن عباس، وذلك غير قادح.

وفيه: استحباب المضمضة من شرب اللبن، ويلحق به غيره من المأكول والمشروب، كما نص عليه العلماء; لئلا يبقى منه بقايا [ ص: 371 ] يبتلعها حال صلاته، ولتقطع لزوجته ودسمه ويتطهر فمه.

واختلف العلماء في غسل اليد قبل الطعام وبعده، والأظهر استحبابه أولا إلا أن يتيقن نظافة اليد من الوسخ والأنجاس، وبعد الفراغ إلا أن لا يبقى على اليد أثر للطعام بأن كان يابسا أو لم يمسه بها.

وقال مالك: لا يستحب غسل اليد للطعام، إلا أن يكون على اليد أولا قذر أو يبقى عليها بعد الفراغ رائحة.

قال المهلب: وقوله: "إن له دسما" بيان العلة التي من أجلها أمروا بالوضوء مما مست النار في أول الإسلام، وذلك - والله أعلم- على ما كانوا عليه من قلة التنظيف في الجاهلية. فلما تقررت النظافة وشاعت في الإسلام نسخ الوضوء تيسيرا على المؤمنين.

وقال ابن جرير الطبري في "تهذيبه": ليس في الخبر إيجاب المضمضة ولا الوضوء؛ إذ كانت أفعاله غير لازمة لأمته العمل بها إذا لم تكن بيانا عن جملة فرض في تنزيله.

قلت:

لكن في "سنن أبي داود" من حديث ابن عباس أيضا مرفوعا: "مضمضوا من اللبن فإن له دسما" وكذا من طريقين آخرين.

[ ص: 372 ] لكن فيه من حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنا فلم يمضمض ولم يتوضأ وصلى. واستدل به أبو حفص البغدادي على نسخ المضمضة فيه.

نعم، روي عن أنس أنه كان يمضمض منه ثلاثا، وكذا أبو موسى الحارث الهمداني، رواه ابن أبي شيبة. وكان يرى الوضوء منه أبو سعيد الخدري وأبو هريرة قالا: لا وضوء إلا من اللبن.

وعن ابن عون: سألت القاسم عن المضمضة أو الوضوء من اللبن فقال: لا أعلم به بأسا. وحكي أيضا عن حذيفة وغيره، وفي "سنن ابن ماجه" من طريقين: "توضئوا من ألبان الإبل، ولا توضئوا من ألبان الغنم". وإسنادهما فيه ضعف.

التالي السابق


الخدمات العلمية