صفحة جزء
2308 [ ص: 560 ]

[ ص: 561 ] 46

كتاب المظالم [ ص: 562 ] [ ص: 563 ] بسم الله الرحمن الرحيم

46 - كتاب المظالم والغصب

وقول الله تعالى: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إلى قوله: عزيز ذو انتقام [إبراهيم: 42 - 47] مقنعي رءوسهم : رافعي رؤوسهم، المقنع والمقمح واحد.

وقال مجاهد : مهطعين [إبراهيم: 43]: مديمين النظر. ويقال: مسرعين. لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء [إبراهيم: 43] يعني: جوفا لا عقول لهم.


الشرح:

قوله: (ويقال: (مسرعين) هو قول قتادة . [ ص: 564 ]

وقال ابن التين : وهو المعروف في اللغة. قال أبو عبيد : وقد يكون الوجهان جميعا، يعني: الإسراع كما قال قتادة يعني: مع إدامة النظر كقول مجاهد . وقال أحمد بن يحيى : المهطع: الذي ينظر في ذل وخشوع لا يقلع بصره.

وقيل: (مهطعين): مسرعين في خوف، وما فسره في (مقنعي) بمعنى: رافعي هو قول أكثر أهل اللغة والتفسير. يقال: أقنع: إذا رفع رأسه، وأقنع: إذا طأطأه ذلا وخضوعا.

وقيل: في الآية القولان، وقيل: يجوز أن يريدهما أن يرفع رأسه يديم النظر ثم يطأطئه ذلا وخضوعا، وقيل: أقنع رأسه: إذا نصبه لا يلتفت يمينا ولا شمالا وجعل طرفه موازيا لما بين يديه، وكذلك الإقناع في الصلاة. وقال ابن فارس : الإقناع: الإقبال بالوجه على الشيء، ومنه المقنع: الرافع رأسه مع غض بصره، وهذا تفسير المقمح.

وقيل: المقمح: الذي حدب ذقنه إلى صدره ورفع رأسه. وأصل أقنع: إذا رفع، ومنه: المقنعة لأنها تجعل في الأعلى، ومنه: قنع بالكسر: رفع رأسه عن السؤال. ويروى أنهم لا يزالون يرفعون رءوسهم ينظرون ما يأتي من عند الله. وقيل: مقنعي: ناكسي بلغة قريش، الطرف: البصر، وبه سميت العين؛ لأنه بها يكون.

وقوله: ( وأفئدتهم هواء [إبراهيم: 43] يعني: جوفا لا عقول لهم) أي: من الخوف. [ ص: 565 ]

وقيل: نزعت أفئدتهم من أجوافهم فلا تنفصل ولا تعود.

تنبيه: قوله تعالى: إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين [غافر: 18] فهذا إعلام أن القلوب فارقت الأفئدة. وقيل: خالية من الخير. وقيل: تتردد في أجوافهم ليس لها مكان تستقر به فكأنها تهوي، وأنذر: خوف.

وقوله: أولم تكونوا أقسمتم [إبراهيم: 44] الآية. قال مجاهد : هم قريش أقسموا أنهم لا يموتون. وقال الداودي : يريد إنكارهم البعث. وقيل: ما لهم من زوال عن العذاب مكرهم : الشرك أو بالعتو والتجبر.

وعند الله مكرهم [إبراهيم: 46] يحفظه ليجازيهم عليه أو يعلمه، فلا يخفى عليه.

وقوله: وإن كان مكرهم لتزول [إبراهيم: 46] الآية: أي: ما كان مكرهم ليزول منه أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونبوته احتقارا لمكرهم.

وقرأ الكسائي "لتزول" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية أي: إن كان مكرهم لو بلغ إلى الجبال ولم يبلغوا هذا ما قدروا على إزالة الإسلام حين دعوا لله ولدا.

قال الداودي : المعنى: وإن كان مكرهم ليكاد تزول منه الجبال، أي: تعظيما لمكرهم، وقرئ: (كاد) بالدال بدل النون. [ ص: 566 ]

وقال علي : إن نمروذا لما طلعت به النسور بعد أن علق لها اللحم في الرماح استعلى، قيل له: أين تريد أيها الفاسق فأهبط وهو قوله: تكاد السماوات يتفطرن منه [مريم: 90] الآية، و (الجبال): جبال الأرض أو الإسلام والقرآن؛ لأنه في ثبوته كالجبال.

التالي السابق


الخدمات العلمية