التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2315 [ ص: 588 ] 8 - باب: الظلم ظلمات يوم القيامة

2447 - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد العزيز الماجشون، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الظلم ظلمات يوم القيامة". [ مسلم: 2579 - فتح: 5 \ 100]


ذكر فيه حديث ابن عمر : قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الظلم ظلمات يوم القيامة ".

وقد أخرجه مسلم أيضا وأخرجاه من حديث جابر أيضا بلفظ: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ".

وقال الترمذي في الأول: حديث حسن غريب من حديث ابن عمر .

قلت: وروي، من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: " إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ".

والظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حق، ومبارزة الآمر بالعدل بالمخالفة، وهذه أدهى؛ لأنه لا يكاد يقع الظلم إلا للضعيف الذي لا ناصر له غير الله تعالى، وإنما ينشأ من ظلمة القلب؛ لأنه لو استنار بنور الهدى لنظر في العواقب، نبه عليه ابن الجوزي . [ ص: 589 ]

وقال القزاز : الظلم هنا هو الشرك، أي: هو عليهم ظلام وعمى، ومن هذا زعم بعض اللغويين أن اشتقاق الظلم من الظلام كأن ما عليه في ظلام عن الحق، والذي عليه الأكثرون أنه وضع الشيء في غير موضعه.

قال المهلب : وهذه الظلمات لا نعرف كيف هي؟ إن كانت من عمى القلب أو هي ظلمات على البصر، والذي يدل عليه القرآن أنها ظلمات على البصر حتى لا يهتدي سبيلا، قال الله تعالى: يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور [الحديد: 13] فدلت هذه الآية أنهم حين منعوا النور بقوا في ظلمة غشيت لأبصارهم، كما كانت أبصارهم في الدنيا عليها غشاوة من الكفر، وقال تعالى في المؤمنين: يسعى نورهم [الحديد: 12] [فأثاب] المؤمنين بلزوم نور الإيمان لهم ولذذهم بالنظر إليه وقوى به أبصارهم، وعاقب الكفار والمنافقين بأن أظلم عليهم ومنعهم لذة النظر إليه تعالى، وهذا حديث مجمل بينه دليل القرآن.

التالي السابق


الخدمات العلمية