التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2322 2454 - حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين". قال الفربري : قال أبو جعر بن أبي حاتم : قال أبو عبد الله: هذا الحديث ليس بخراسان في كتاب ابن المبارك، أملاه عليهم بالبصرة . [3196 - فتح: 5 \ 103]


ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

أحدها:

حديث سعيد بن زيد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من ظلم من الأرض شيئا طوقه من سبع أرضين ".

ثانيها:

حديث أبي سلمة حدثه أنه كانت بينه وبين أناس خصومة، فذكر لعائشة؛ فقالت: يا أبا سلمة، اجتنب الأرض، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين". [ ص: 603 ]

ثالثها:

حديث ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ". قال أبو عبد الله: هذا الحديث ليس بخراساني في كتاب ابن المبارك، أملاه عليهم بالبصرة .

الشرح: حديث سعيد بن زيد أخرجه مسلم أيضا، وكذا حديث عائشة وحديث ابن عمر من أفراده، وخرجه في بدء الخلق أيضا، وانفرد به مسلم من حديث أبي هريرة .

قال الدارقطني في حديث سعيد بن زيد : تابع شعيبا - يعني: شيخ شيخ البخاري - مالك ... وعدد جماعات.

ورواه يحيى بن معين، عن هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل الراوي، عن سعيد بن زيد قوله.

ورواه ابن عيينة عن الزهري، عن طلحة، عن سعيد نفسه، ولم يذكر عبد الرحمن .

وكذا رواه ابن خزيمة عن محمد بن يحيى، عن يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن طلحة .

قال ابن خزيمة : إن كان ابن إسحاق سمع هذا الخبر من الزهري ففيه دلالة واضحة على صحة رواية ابن عيينة، وأن طلحة سمع من سعيد بن زيد . [ ص: 604 ]

وكذا رواه أحمد بن حنبل عن يزيد بن هارون، ورواه سعيد بن الصلت عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن الزهري، عن طلحة، عن عمرو بن سهل، عن سعيد .

ورواه سعيد بن عبد الرحمن عن الزهري، عن سعيد لم يذكر بينهما أحدا، وكذا قال أبو جعفر الرازي، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن سعيد، وقال سعيد بن سليمان : عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن سعيد . وقال سعيد بن سليمان، مرة به وأبدل سعيدا بطلحة، وزاد بعده عن سعيد . ورواه سفيان بن حسين، عن الزهري قال : ابن المسيب، عن سعيد بن زيد، وهو وهم.

قال الدارقطني : وأحبها إلي من قال الزهري، عن طلحة، عن عبد الرحمن .

قال الخطابي : قوله: ("طوقه من سبع أرضين") له وجهان:

أحدهما: أنه يكلف نقل ما ظلم منها في القيامة إلى المحشر، فيكون كالطوق في عنقه.

وروي معناه في بعض الأحاديث.

والآخر: أن يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين كما في حديث ابن عمر .

وقال ابن بطال : قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف صورة هذا التطويق، رواه الطبري، حدثنا سفيان بن وكيع، ثنا حسين بن علي، عن زائدة، [ ص: 605 ] عن الربيع، (عن أيمن وابن أبي ثابت )، حدثني يعلى بن مرة الثقفي سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله أن يحفره حتى يبلغ سبع أرضين، ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضي بين الناس ".

رواه الشعبي عن أيمن، عن يعلى، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال فيه: " من سرق شبرا من أرض أو غله جاء يحمله يوم القيامة على عنقه إلى سبع أرضين ".

ورواه مروان بن معاوية الفزاري حدثنا أبو يعفور، ثنا أيمن (عن) يعلى بن مرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر ".

قلت: الصواب: أيمن عن يعلى، وظن ابن منده وأبو نعيم صحبة أيمن بن يعلى فوهما.

وقال ابن الجوزي : هذا من تطويق التكليف لا من التقليد. [ ص: 606 ]

قال: وليس ذلك بممتنع فإنه صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا ألفين أحدكم يأتي على رقبته بعير أو شاة " وأما الخسف أن تخسف به الأرض بعد موته أو في حشره.

وقال المهلب : معنى الخسف به: أن يلج في سبع أرضين فتكون كلها على عنقه، فهذا تطويق له.

وعبارة غيره: يتجلجل فيما بينها. أي: يهوي، كقوله في قارون : فخسفنا به وبداره الأرض [القصص: 81].

قال الخطابي : وفيه دليل أن من ملك أرضا ملك أسفلها إلى منتهاها، وله أن يمنع من حفر تحتها سردابا أو بئرا سواء ضر ذلك بأرضه أم لا؛ لأن حكم أسفلها تبع أعلاها كما قال ابن الجوزي .

واختلف فيما إذا حفر أرضه فوجد فيها معدنا أو شبهه :

فقيل: هو له. وقيل: بل للمسلمين. حكاهما القرطبي .

قال: وعلى ذلك فله أن ينزل بالحفر ما شاء ما لم يضر بمن يجاوره، وكذلك له أن يرفع في الهواء المقابل لذلك القدر من الأرض من البناء ما شاء ما لم يضر بأحد.

واستدل الداودي على أن السبع الأرضين بعضها على بعض لم يفتق بعضها من بعض؛ لأنه لو فتقت لم يطوق منها ما ينتفع به غيره. [ ص: 607 ]

وقيل: بين كل أرض وأرض خمسمائة عام مثل ما بين كل سماء وسماء وغلظ كل سماء، كذلك قيل في خبر فيه معارضة السند، قال: وقيل: معنى يطوق: يحتمل أن يقوم بها كما غصبها فهو يعذب ليقوم وهو لا يقوم، وهذا سلف وقيد الشيء: قدره.

التالي السابق


الخدمات العلمية