التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2395 2532 - حدثنا شهاب بن عباد، حدثنا إبراهيم بن حميد، عن إسماعيل، عن قيس قال: لما أقبل أبو هريرة رضي الله عنه ومعه غلامه وهو يطلب الإسلام، فأضل أحدهما صاحبه بهذا، وقال: أما إني أشهدك أنه لله. [انظر: 2530 - فتح: 5 \ 162]


ذكر فيه حديث أبي هريرة أنه لما أقبل يريد الإسلام ومعه غلامه، ضل كل واحد منهما من صاحبه، فأقبل بعد ذلك وأبو هريرة جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة، هذا غلامك قد أتاك".

[ ص: 170 ] فقال: أشهدك أنه حر. قال: فهو حين يقول:


يا ليلة من طولها وعنائها ... على أنها من دارة الكفر نجت

وعنه لما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم قلت في الطريق ... البيت.

قال: وأبق مني غلام لي في الطريق - قال:- فلما قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم بايعته، فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة، هذا غلامك". فقلت: هو حر لوجه الله، فأعتقته.

وعن قيس قال: لما أقبل أبو هريرة رضي الله عنه، ومعه غلامه وهو يطلب الإسلام، فضل أحدهما صاحبه بهذا، وقال: أما إني أشهدك أنه لله.

الشرح:

هذا الحديث من أفراده، وقيس هو ابن أبي حازم، عوف بن عبد الحارث أبو عبد الله الأحمسي، مات سنة أربع وثمانين. وقيل: في آخر سلطان سليمان بن عبد الملك. وشيخ البخاري في الثاني عبيد الله بن سعيد (خ، م، س) وهو السرخسي اليشكري مولاهم،

[ ص: 171 ] مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. وشيخه في الثالث: شهاب (خ، م، ت، ق) بن عباد وهو العبدي الكوفي: مات سنة أربع وعشرين ومائتين. وشيخ شهاب: إبراهيم بن حميد أبو إسحاق، مات سنة ثمان وسبعين ومائة.

قال المهلب: ولا خلاف بين العلماء علمت إذا قال لعبده: هو حر، أو هو لوجه الله، أو هو لله، ونوى العتق أنه يلزمه العتق، وكل ما يفهم به عن المتكلم أنه أراد به العتق لزمه ونفذ عليه.

وروى ابن أبي شيبة، عن هشيم، عن مغيرة أن رجلا قال لغلامه: أنت لله، فسئل الشعبي والمسيب بن رافع وحماد بن سليمان فقالوا: هو حر، وعن إبراهيم كذلك. قال إبراهيم: وإن قال: إنك لحر النفس.. فهو حر. وعن الحسن أنه إذا قال: ما أنت إلا حر، قال: نيته، وعن الشعبي مثله.

وأما الإشهاد في العتق فمن حقه، والعتق قام عند الله، وجميع ما يراد به وجهه تعالى بالقول والنية، وإن لم يكن ثم إشهاد، وقد قالت امرأة عمران: رب إني نذرت لك ما في بطني محررا [آل عمران: 35] أي: لخدمة المسجد، فتقبلها ربها بقبول حسن ، فتم ما نذرته بدعوة الله [ ص: 172 ] تعالى، وقبل الله ذلك منها، فكان ما في بطنها موقوفا لما نذرته من خدمة المسجد، ولم تشهد غير الله.

وفيه أيضا من الفقه: العتق عند بلوغ الأمل، والنجاة مما يخاف من الفتن والمحن، كما فعل أبو هريرة حين نجاه الله من دارة الكفر ومن ضلاله في الليل عن الطريق أعتق الغلام حين جمعه الله عليه وهداه إلى الإسلام، وفيه: جواز قول الشعر وتوجعه من طول ليلته ومبيته فيها، وحمد عاقبتها إذ نجته من دار الكفر، ومنه المثل: (عند الصباح يحمد القوم السرى)، وظاهر رواية "الصحيح" أن أبا هريرة هو قائل هذا البيت. وقال ابن التين: فيه خلاف هل هو لأبي هريرة أو غلامه.

وقوله: "هذا غلامك" إما أن يكون وصفه له، أو رآه مقبلا إليه، أو أخبره الملك.

وقوله: (يطلب الإسلام) يحتمل أن يكون حقيقة، فإنه لم يسلم وأسلم بعد، ويحتمل أن يكون المراد: يظهر إسلامه.

التالي السابق


الخدمات العلمية