التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2429 [ ص: 282 ] 2 - باب: القليل من الهبة 2568 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت". [5178 - فتح: 5 \ 199]


ذكر فيه حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت".

هذا الحديث من أفراده، وأخرجه في الأنكحة بلفظ: "لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت"، والكراع في حد الرسغ، وهو في البقر والغنم بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير، أي: وهو خفه، وهو مستدق الساق، يذكر ويؤنث، وفي المثل: (أعطي) العبد كراعا فطلب ذراعا. والذراع من جيد اللحم، وقيل: إن الكراع هنا اسم موضع، وذكره الغزالي في "الإحياء" بلفظ: كراع الغميم، ولم أره كذلك، ويرده رواية الترمذي عن أنس مرفوعا: "لو أهدي إلي كراع لقبلت، ولو دعيت عليه لأجبت" ثم صححه.

وادعى صاحب "التنقيب على المهذب" أن سبب هذا الحديث: أن أم حكيم بنت وادع قالت: يا رسول الله، أتكره الهدية؟ فقال صلى الله عليه وسلم:

[ ص: 283 ]
"ما أقبح رد الهدية! لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت".


فائدة: الذراع أفضل من الكراع، وكان صلى الله عليه وسلم يحب أكله؛ ولهذا سم فيه، وإنما كان يحبه; لأنه مبادئ الشاة، وأبعد من الأذى.

ثانية: قد ذكرنا الحديث من طريقين، وزيادة ثالث إن صح، وذكره ابن منده في "مستخرجه" أيضا، من حديث أبي الدرداء، وجابر بن عبد الله.

ثالثة: هذا منه صلى الله عليه وسلم حض لأمته على المهاداة، والصلة، والتأليف والتحاب، وإنما أخبر أنه لا يحتقر شيئا مما يهدى إليه، أو يدعى إليه; لئلا يمنع الباعث من المهاداة لاحتقار المهدي، وإنما أشار بالكراع وفرسن الشاة إلى المبالغة في قبول القليل من الهدية لا إلى إعطاء الكراع والفرسن، ومهاداته; لأن أحدا لا يفعل ذلك.

رابعة: قوله: "لو أهدي إلي ذراع"؛ أي: لحم ذراع; لأن الذراع مؤنثة، وسمع من العرب: جاءته كتابي فخرقها.

وادعى ابن التين أن الكراع من الدواب: ما دون الكعب من غير الإنسان، ومن الإنسان ما دون الركبة. قال عن ابن فارس: كراع كل شيء طرفه.

[ ص: 284 ] وقال أبو عبيد: الأكارع قوائم الشاة، وأكارع الأرض أطرافها.

وفي الحديث: "لا بأس بالطلب في أكارع الأرض"؛ أي: أطرافها القاصية، شبهه بأكارع الشاة؛ أي: قوائمها.

قال: وفيه إجابة الدعوة لما قل أو كثر، وتقبلها هدية ليقتدى به فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية