التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2469 2610 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فكان على بكر لعمر صعب، فكان يتقدم النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول أبوه يا عبد الله، لا يتقدم النبي صلى الله عليه وسلم أحد. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بعنيه". فقال عمر: هو لك. فاشتراه ثم قال: " هو لك يا عبد الله، فاصنع به ما شئت". [انظر: 2115 - فتح: 5 \ 227]


ثم ساق حديث أبي هريرة في إعطاء أفضل من سنه.

وحديث ابن عمر في جمله؛ حيث اشتراه منه ووهبه لابنه عبد الله.

أما أثر ابن عباس، فكأنه أراد به ما أخرجه البيهقي من حديث محمد بن الصلت: ثنا مندل بن علي، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعا: "من أهديت له هدية وعنده ناس فهم شركاء فيها".

ورواه الطبراني عن أبي مسلم الكشي، ثنا مالك بن زياد الكوفي، ثنا مندل به وقال: "وعنده قوم فهم شركاء فيها".

[ ص: 380 ] ومندل (د. ق): شيعي صدوق تكلم فيه، مات في خلافة المهدي سنة سبع وستين ومائة.

ورواه عبد الرزاق عن محمد بن مسلم عن عمر، وعن ابن عباس، وكذا رواه ابن الأزهر عن عبد الرزاق مرفوعا، والموقوف أصح، ورواه العقيلي من حديث عبد السلام بن عبد القدوس، ثنا ابن جريج، عن عطاء، عنه; مرفوعا.

ورواه أيضا من حديث عائشة مرفوعا، وفي سنده وضاح ابن خيثمة، قال: ولا يتابع عليه، ولا يصح في هذا المتن حديث.

وعبد السلام لا يتابع على شيء من حديثه، وليس ممن يقيم الحديث.

وقال ابن بطال: لو صح قوله - عليه السلام-: "جلساؤكم شركاؤكم" لكان معناه الندب عند الفقهاء فيما خف من الهدايا، وما جرت العادة بترك المشاحة فيه.

فأما مثل الدور، والعقار، والمال الكثير؛ فصاحبها أحق بها على ما ترجم البخاري; ألا ترى أنه - عليه السلام- أمر أن يعطى الذي يتقاضاه [ ص: 381 ] أفضل من سنه التي كانت عليه، ولم يشاركه أحد ممن كان بحضرته في ذلك الفضل، وكذلك وهب - عليه السلام- الجمل لابن عمر وهو مع الناس، فلم يستحق أحد منهم فيه شركة مع ابن عمر. وعلى هذا مذهب الفقهاء.

وروي عن أبي يوسف القاضي أن الرشيد أهدى إليه مالا كثيرا، فورد عليه وهو جالس مع أصحابه فقال له أحدهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جلساؤكم شركاؤكم" فقال له أبو يوسف: إن هذا الحديث لم يرد في مثل هذا، وإنما ورد فيما خف من الهدايا وفيما يؤكل ويشرب، مما تطيب النفوس ببذله والسماحة فيه، وقال: ما ذكر عن ابن عباس لا وجه له في القياس; لأن المجالسة لا تثبت الشركة في الهدية، ولا الصدقة، ولا الهبة، ولا غيرها من العطايا، كما لو انتقل إلى رجل ملك بميراث لا يشاركونه.

واحتج البخاري بأنه - عليه السلام- لما قضاه أفضل من سنه لم يشاركه أحد ممن حضر في الزيادة.

وكذا حديث ابن عمر لم يشركوه أيضا فيما وهب له الشارع من الجمل.

قلت: وقوله - عليه السلام- في آخره: "هو لك، يا عبد الله، فاصنع به ما شئت" صريح في ذلك، وما ذكرناه يوضح رد قول الإسماعيلي: ذكر هذا الحديث في هذا الباب ليس منه في شيء.

قال: والزيادة في الشيء، وتعلم القرآن، وما لا يتميز سبيلها في القضاء والرد سبيل الهبة، لكنه من حسن القضاء، وقد يفلس المشتري والسلعة عنده زائدة زيادة في عين المشترى.

[ ص: 382 ] ومنه ما لا يتميز فيأخذ هذا البائع على أنها عين ماله، وإن كان ذلك باعتداء من مال المشتري، أو نحل، فسقاه المشتري وقام عليه، فذلك إحسان من القاضي إذا قضاه لا هبة شيء، ألا ترى أن لو أفرد ما زاد على حال عهدها بأن وهبه مالكه مع الزيادة هبة تلك الزيادة لم يكن شيئا.

التالي السابق


الخدمات العلمية