التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2548 [ ص: 25 ] 4 - باب: قول الله تعالى : أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير [النساء : 128]

2694 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [النساء : 128] قالت : هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه ، كبرا أو غيره ، فيريد فراقها فتقول : أمسكني ، واقسم لي ما شئت . قالت فلا بأس إذا تراضيا . [انظر : 2450 - مسلم: 3021 - فتح: 5 \ 301]


ذكر فيه حديث عائشة : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا قالت : هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه ، كبرا أو غيره ، فيريد فراقها فتقول : أمسكني ، واقسم لي ما شئت . قالت : فلا بأس إذا تراضيا .

هذا قول عائشة في تفسير الآية ، وقال علي : هي المرأة تكون عند الرجل ، وهي دميمة أو عجوز تكره مفارقته ، فيصطلحا على أن يجيئها يوما من ثلاثة أو أربعة ، وقيل : نزلت في رافع بن خديج طلق زوجته واحدة ، وتزوج شابة ، فلما قاربت انقضاء العدة قالت : أصالحك على بعض الأيام ، فراجعها ، ثم لم يسمح فطلقها أخرى ، ثم سألته ذلك فراجعها ، فنزلت هذه الآية .

[ ص: 26 ] والنشوز : أصله الارتفاع ، وإذا أساء عشرتها ومنعها نفسه والنفقة فهو نشوز ، وقال ابن فارس : نشز بعلها إذا ضربها وجفاها .

وقوله : ("والصلح خير") أي : من الفرقة ، حذف لعلم السامع وقرأ الكوفيون : أن يصلحا [النساء : 128] بضم الياء ، وقرأ الجحدري : أن يصلحا والمعنى : يصطلحا ، ثم أدغم .

ولا شك أن الصلح في كل شيء خير من التمادي على الخلاف والشحناء والمباغضة التي هي قواعد الشر ، والصلح وإن كان فيه صبر مؤلم فعاقبته جميلة ، وأمر منه وشر عاقبة العداوة والبغضاء ، وقد قال - عليه السلام - في البغضة أنها الحالقة يعني : حالقة الدين لا الشعر .

أراد الشارع أن يطلق سودة لسن كان بها فأحست منه ذلك ، فقالت له : قد وهبت يومي لعائشة ، ولا حاجة لي بالرجال وإنما أريد أن أحشر في نسائك ، فلم يطلقها واصطلحا على ذلك .

ودل هذا أن ترك التسوية بين النساء وتفضيل بعضهن على بعض لا يجوز إلا بإذن المفضولة ورضاها ، ويدخل في هذا المعنى جميع

[ ص: 27 ] ما يقع عليه بين الرجل والمرأة في مال أو وطء أو غير ذلك ، وكل ما تراضيا عليه من الصلح فهو حلال للرجل من زوجته لهذه الآية .

ونقل الداودي عن مالك أنها إذا رضيت بالبقاء بترك القسم لها أو الإنفاق عليها ثم سألت العدل كان ذلك لها ، والذي قاله في "المدونة" ذكره في القسمة لها ، وأما النفقة فيلزمها ذلك إذا تركته .

والفرق أن الغيرة لا تملك بخلاف النفقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية