التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2597 [ ص: 204 ] 7 - باب: الصدقة عند الموت

2748 - حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، أي الصدقة أفضل ؟ قال : " أن تصدق وأنت صحيح حريص ، تأمل الغنى ، وتخشى الفقر ، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : لفلان كذا ، ولفلان كذا ، وقد كان لفلان " . [انظر : 1419 - مسلم: 1032 - فتح: 5 \ 373]


ذكر فيه حديث سفيان -وهو الثوري فيما قاله أبو نعيم - عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، أي الصدقة أفضل ؟ قال : "أن تصدق وأنت صحيح " .

الحديث سلف في الزكاة ، وهو دال على أن أفضل الصدقات ما جاهد الإنسان فيه نفسه ، وغلب طاعة الله على شهواته ، وجاهدها أيضا على حب الغنى وجمع المال .

وقوله : "إذا بلغت الحلقوم " فيه ذم من أذهب طيباته في حياته ، ولم يقدم لنفسه من ماله في وقت شحه وحب غناه ، حتى إذا رأى المال لغيره جعل ينتزع بالوصية ، لفلان كذا ولفلان كذا ، ويتورع عن التبعات والمظالم .

وروي عن ابن مسعود في قوله : وآتى المال على حبه [البقرة : 177] قال : أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر .

وقال قتادة : يا ابن آدم ، اتق الله ولا تجمع إساءتين في مالك ، إساءة في الحياة الدنيا ، وإساءة عند الموت ، انظر قرابتك الذين يحتاجون

[ ص: 205 ] ولا يرثونك ، أوص لهم من مالك بالمعروف . وقال ابن عباس : الضرار في الوصية من الكبائر ، ثم قرأ : تلك حدود الله فلا تعتدوها [البقرة : 229] الآية .

وقال عطاء في قوله : فمن خاف من موص جنفا أو إثما [البقرة : 182] قال : ميلا . وقد أسلفنا ذلك عن البخاري أيضا بزيادة ويستحب له أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم ثنتان : صدقة ، وصلة " والذي يجب أن يرد من الوصية من باب الميل والجور الوصية بأكثر من الثلث ، والوصية للوارث ، والوصية في أبواب المعاصي .

وقوله : ("قلت : لفلان كذا ، ولفلان كذا ، وقد كان لفلان " ) قال الداودي : معناه أن يقر لفلان ويوصي لفلان أن ما كان من الإقرار ما كان ينبغي له تأخيره ، والوصية سبقت في علم الله أنه سينالها ، فلو كان ذلك في الصحة كان أفضل .

وقال الخطابي : معنى : "وقد كان لفلان " . أي : صار المال للوارث ، فهو غير في إجازة ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية