التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2612 [ ص: 254 ] 21 - باب: قول الله تعالى : وآتوا اليتامى أموالهم إلى قوله : فانكحوا ما طاب لكم من النساء [النساء : 2 - 3]

2763 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : كان عروة بن الزبير يحدث أنه سأل عائشة رضي الله عنها : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء [النساء : 4] قالت : هي اليتيمة في حجر وليها ، فيرغب في جمالها ومالها ، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها ، فنهوا عن نكاحهن ، إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق ، وأمروا بنكاح من سواهن من النساء ، قالت عائشة : ثم استفتى الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ، فأنزل الله -عز وجل - : ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن [النساء : 127] قالت : فبين الله في هذه أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها ، ولم يلحقوها بسنتها بإكمال الصداق ، فإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء ، قال : فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبوا فيها ، إلا أن يقسطوا لها الأوفى من الصداق ويعطوها حقها . [انظر : 2494 - مسلم: 3018 - فتح: 5 \ 391]


وذكر فيه حديث عروة بن الزبير أنه سأل عائشة : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ففسرتها وسيأتي أيضا في النكاح .

ومعنى : ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب [النساء : 2] الحرام بالحلال ، أو أن تجعل الزائف بدل الجيد ، والمهزول بدل السمين ، أو استعجال أكل الحرام قبل مجيء الحلال ، أو كانوا لا يرثون الصغار والنساء ،

[ ص: 255 ] ويأخذ الرجل الأكثر فيتبدل نصيبه من الميراث بأخذه الكل ، وهو خبيث .

وقوله : إلى أموالكم [النساء : 2] قيل : (إلى ) بمعنى : مع ، والأجود أن تكون في موضعها ويكون المعنى : ولا تضموا أموالهم إلى أموالكم .

(حوبا ) : إنما تحوب من كذا : توقى إثمه ، قال الفراء : الحوب لأهل الحجاز ، والحوب لتميم ، وقال ابن عزير : هو بالضم الاسم ، وبالفتح المصدر .

وروي عن ابن عباس في تفسير الآية أنه قال : قصر الرجل على أربع من أجل اليتامى .

وروي عن جماعة من التابعين أيضا ، وكان المسلمون يسألون عن أمر اليتامى لما شدد في ذلك فنزلت الآية ، وتفسير عائشة عليه أهل النظر ، وجماعة من أهل اللغة على قول ابن عباس .

قال المبرد : التقدير : وإن خفتم ألا تقسطوا في نكاح اليتامى . ثم حذف .

قال مجاهد : معناه : إن خفتم ألا تعدلوا وتحرجتم أن (تلوا ) أموال اليتامى تحرجوا من (الزنا ) وقال غيره : المعنى : وإن خفتم ألا تعدلوا في اليتامى ، فكذلك ينبغي أن تخافوا ألا تعدلوا بين الأربع ، فانكحوا واحدة .

[ ص: 256 ] قال الداودي : وفسره ابن عباس بما هو قريب من تفسير عائشة ، فقال : كما خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فخافوا مثل ذلك في يتامى النساء ، فانكحوا ما طاب لكم من النساء في ولايتكم . قال : وفي القول اختصار ، وهو أنه من القسط لهن أن يستأمرن في أنفسهن ولا يعضلن على نكاح من لم يشأن ، وبينه الشارع بقوله : "الأيم أحق بنفسها من وليها " وقيل : كانت قريش في الجاهلية تكثر التزوج بلا حصر ، فإذا كثرت عليهم المؤن ، وقل ما بأيديهم أكلوا ما عندهم من أموال اليتامى ، فقيل لهم : إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا إلى الأربع حصر العدد .

وقوله : ما طاب لكم من طاب أو فانكحوا نكاحا طيبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية