التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2629 [ ص: 314 ] 36 - باب: قضاء الوصي ديون الميت بغير محضر من الورثة

2781 - حدثنا محمد بن سابق ، أو الفضل بن يعقوب عنه ، حدثنا شيبان أبو معاوية عن فراس قال : قال الشعبي : حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما - أن أباه استشهد يوم أحد ، وترك ست بنات ، وترك عليه دينا ، فلما حضر جداد النخل أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله قد علمت أن والدي استشهد يوم أحد وترك عليه دينا كثيرا ، وإني أحب أن يراك الغرماء قال : " اذهب فبيدر كل تمر على ناحيته " . ففعلت ثم دعوته ، فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة ، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات ، ثم جلس عليه ثم قال : "ادع أصحابك " . فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي ، وأنا والله راض أن يؤدي الله أمانة والدي ، ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة ، فسلم والله البيادر كلها ، حتى أني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه لم ينقص تمرة واحدة . [قال أبو عبد الله : أغروا بي : هيجوا بي فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء [المائدة : 14] . [انظر : 2127 - فتح: 5 \ 413]


ثم ساق حديث جابر في قضاء دين والده ، وقد سلف غير مرة .

ومعنى (فلما نظروا إليه أغروا بي تلك الساعة ) أي : ألحوا عليه ، والبيدر الأندر يقال للواحد وللجميع قاله الداودي قال : ويقال له : الجرين والعوج قال : وكذلك كل ما يجمع فيه للزرع وغيره ، ولا خلاف

[ ص: 315 ] بين العلماء أن الوصي يجوز له أن يقضي ديون الميت بغير محضر الورثة على حديث جابر ; لأنه لم يحضر جميع ورثة أبيه عند اقتضاء الغرماء ديونهم ، وإنما اختلفوا في مقاسمة الوصي الموصى له على الورثة فروى ابن القاسم عن مالك أنه قال : تجوز الوصي على الصغار ولا يجوز على الكبير الغائب وهو قول أبي حنيفة .

قال مالك : لا يقاسم على الكبير الغائب إلا السلطان ، قال أبو حنيفة : ومقاسمة الورثة الوصي على الموصى له باطل ; فإن ضاع نصيب الموصى له عند الوصي رجع به على الورثة وأجازها أبو يوسف وقال : القسمة جائزة على الغيب ولا رجوع لهم على الحضور ، وإن ضاع ما أخذ الوصي . وقال الطحاوي : القياس أن لا يقسم على الكبار ولا على الموصى له ; لأنه لا ولاية له عليهم وليس يوصي للموصى له .

التالي السابق


الخدمات العلمية