التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2649 [ ص: 374 ] 10 - باب: من يجرح في سبيل الله -عز وجل -

2803 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة ، واللون لون الدم والريح ريح المسك " . [انظر : 237 - مسلم: 1876 - فتح: 6 \ 20]


ذكر فيه حديث أبي هريرة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله -والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة ، واللون لون الدم ، والريح ريح المسك " .

هذا الحديث سلف في باب : ما يقع من النجاسات .

و (الكلم ) : الجرح ، والمراد بسبيل الله : الجهاد ، ويدخل فيه بالمعنى كل من جرح في سبيل بر أو وجه مما أباحه الله كقتال أهل البغي ، والخوارج ، واللصوص ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ألا ترى قوله : "من قتل دون ماله فهو شهيد " .

وقال ابن التين : يحتمل أن يريد الجهاد ، ويحتمل أن يريد كل من جرح في ذات الله ، وكل ما دافع فيه المرء بحق فأصيب فهو مجاهد .

وقوله : ("والله أعلم بمن يكلم في سبيله " ) فإنه يدل على أنه ليس كل من جرح في الغزو تكون هذه حاله عند الله حتى تصح نيته ، ويعلم الله من قلبه أنه يريد وجهه ولم يخرج رياء ولا سمعة ولا ابتغاء دنيا يصيبها .

وفيه : أن الشهيد يبعث (في حاله ) وهيئته التي قبض عليها ، وقد

[ ص: 375 ] احتج الطحاوي به لمن لا يرى غسل الشهيد في المعترك ، وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه : "يبعث الميت في ثيابه التي قبض فيها " ، أي : يعاد خلق ثيابه كما يعاد خلقه ، وقد أول بالعمل أيضا .

وقوله : ("اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " ) فيه دلالة أن الشيء إذا حال عن حالة إلى غيرها كان الحكم إلى الذي حال إليه ، ومنه الماء تحل فيه نجاسة فتغير أحد أوصافه فتخرجه عن الماء المطلق ، فإن لم تغير شيئا منها فهو على حكمه كما أسلفناه هناك ، ومنه : إذا انتقلت الخل إلى الخمر ، وعورض بأن المراد بالخبر التذاذ المجروح بأجر جرحه كالتذاذ المتضمخ بالمسك برائحته . ولا يشبه الأحكام الشرعية .

التالي السابق


الخدمات العلمية