التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2655 [ ص: 392 ] 15 - باب: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

2810 - حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن عمرو ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : الرجل يقاتل للمغنم ، والرجل يقاتل للذكر ، والرجل يقاتل ليرى مكانه ، فمن في سبيل الله ؟ قال : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " . [انظر : 123 - مسلم: 1904 - فتح: 6 \ 27]


ذكر فيه حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : الرجل يقاتل للمغنم ، والرجل يقاتل للذكر ، والرجل يقاتل ليرى مكانه ، فمن في سبيل الله ؟ قال : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، وفي لفظ له : الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟ فذكره . وفي آخر : يقاتل غضبا ، فرفع إليه رأسه ، وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما .

وهذا السائل ورد في "الصحيح " أنه من الأعراب ، ولا يحضرني اسمه ، والمراد : بالذكر : الشجاعة ، وهي ضد الجبن ، وهي شدة القلب عند البأس .

[ ص: 393 ] وقوله : (ليرى مكانه (في سبيل الله ) : أي : للإخلاص .

والحديث دال على وجوب الإخلاص في الجهاد ، ومصرح بأن القتال للذكر ، ونحوه (خارج ) عن ذلك ودال أيضا على أن الإخلاص هو العمل على وفق الأمر .

ودال أيضا على تحريم الفخر بالذكر ، اللهم إلا أن يقصد بذلك إظهار النعمة .

ودال أيضا على حرمة الرياء وعلى السؤال عن الأعمال القلبية .

وبيان أحوال الناس في جهادهم ونياتهم ، واعلم أن القتال للذكر إن قصد به إظهار ليقال : إن فلانا شجاع فهذا ليس بمخلص ، وهو الذي يقال فيه في الحديث الصحيح : "لكي يقال ، وقد قيل " ، ويكون الفرق بين هذا القسم وبين قوله بعد : (والرجل يقاتل ليرى ) أن يكون المراد به إظهار المقاتلة لإعلاء كلمة الله ، وبذل النفس في رضاه ، والرغبة فيما عنده ، وهو في الباطن بخلاف ذلك ، فيقال : إنه شجاع ، والذي قلنا : إنه قاتل إظهارا للشجاعة ليس مقصوده إلا تحصيل المدح على الشجاعة من الناس فافترقا إذا ، وإن كان طبعا لا قصدا فهذا لا يقال : إنه كالأول ; لعدم قصده الإظهار ، ولا أنه أخلص ، وإن كان يقصد إعلاء كلمة الله تعالى به فهو أفضل من القسم الذي قبله .

[ ص: 394 ] قال المهلب : إذا كان في أجل النية إعلاء كلمة الله تعالى ثم دخل عليها من حب الظهور والمغنم ما دخل فلا يضرها ذلك "ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا " فخليق أن يحب الظهور بإعلاء كلمة الله وأن يحب الغنى لإعلاء كلمة الله فهذا لا يضره إن كان عقده صحيحا ، (والحمية ) في الرواية التي أوردناها هي الأنفة ، والغيرة عن عشيرته والغضب وحميت عن كذا حمية بالتشديد وتحمية إذا أنفت منه ، والرياء أيضا يمد وقد يقصر وهو قليل ، وقد أسلفنا أنه ضد الإخلاص . وقال الغزالي : إنه إرادة نفع الدنيا بعمل الآخرة ، أي : إما متمحضا أو مشاركا .

التالي السابق


الخدمات العلمية