التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2656 [ ص: 395 ] 16 - باب: من اغبرت قدماه في سبيل الله

وقول الله تعالى : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله الآية [التوبة : 120] .

2811 - حدثنا إسحاق ، أخبرنا محمد بن المبارك ، حدثنا يحيى بن حمزة قال : حدثني يزيد بن أبي مريم ، أخبرنا عباية بن رافع بن خديج قال : أخبرني أبو عبس هو -عبد الرحمن بن جبر - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " . [انظر : 907 - فتح: 6 \ 29]


حدثنا إسحاق ، ثنا محمد بن المبارك ، ثنا يحيى بن حمزة ، ثنا يزيد بن أبي مريم ، أنا عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج : أخبرني أبو عبس -هو محمد بن عبد الرحمن بن جبر - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "ما (اغبرتا ) قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " .

الشرح :

أما الآية : فقال مقاتل : ذكر الله -جل وعز - الذين لم يتخلفوا عن غزوة تبوك فقال : ما كان لأهل المدينة وقوله : عن رسول الله في غزوة تبوك قال الثعلبي : ظاهره خبر ومعناه : أمر .

و (الأعراب ) سكان البوادي : مزينة وجهينة وأشجع وأسلم وغفار .

( أن يتخلفوا عن رسول الله ) إذ غزا .

قال ابن عباس : يكتب لهم بكل روعة تنالهم في سبيل الله (سبعين ) ألف حسنة .

[ ص: 396 ] قال قتادة : هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا بنفسه ، فليس لأحد أن يتخلف عنه إلا بعذر ، فأما غيره من الأئمة والولاة فمن شاء أن يتخلف تخلف .

وقال الأوزاعي وابن المبارك وغيرهما : هذه الآية لأول هذه الأمة وآخرها . وقال ابن زيد : كان هذا وأول الإسلام قليل فلما كثروا نسخها الله ، وأباح التخلف لمن شاء فقال : وما كان المؤمنون لينفروا كافة [التوبة : 122] وقال غيره : لا نسخ ، والأولى توجب إذا نفر الشارع أو احتيج إلى المسلمين فاستنفروا لم يسع أحدا التخلف وإذا بعث الشارع سرية خلف طائفة ، وهذا مذهب ابن عباس والضحاك وقتادة ، وقال ابن الحصار : قول ابن زيد أنه نسخ بالتأويل الفاسد قوله : ما كان لأهل المدينة تعريض لمن تخلف منهم عن تبوك ، فهذا النهي يتوجه على كل من استنفر فلم ينفر خاصا وعاما ، ومن لم يستنفر لم يدخل تحته ، والآية التي زعمها ناسخة ; إنما نزلت في الحض على طلب العلم والرحلة فيه ، ولا معارضة بين الاثنين ، وحديث أبي عبس سلف في الجمعة ، وهو من أفراده بل لم يخرج مسلم عن أبي عبس في "صحيحه " شيئا .

وشيخه هنا إسحاق ، قال الجياني : نسبه الأصيلي في نسخته فقال : ابن منصور ، وكذا قاله الكلاباذي ، وجده ابن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي مات بنيسابور سنة إحدى وخمسين ومائتين ، ويحتمل

[ ص: 397 ] أن يكون إسحاق هذا ابن زيد الخطابي ، ساكن حران ، ومن طريقه أخرجه الإسماعيلي عن عبد الله بن زياد الموصلي ثنا إسحاق بن زيد الخطابي وكان يسكن حران ، ثنا محمد بن المبارك الصوري ، فذكره كما ذكره البخاري ، ومحمد بن المبارك الصوري الشامي مات ما بين سنة إحدى عشرة إلى خمس عشرة ومائتين .

وموضع الترجمة من الآية قوله تعالى : ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار [التوبة : 120] فأثابهم الله بخطواتهم وإن لم يلقوا قتالا ، ففسر ذلك العمل الصالح ، أنه لا يمس النار من اغبرت قدماه في سبيل الله ، وهذا وعد منه ، وهو منجز لا يتخلف ، وسبيل الله جميع طاعاته .

التالي السابق


الخدمات العلمية