التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2657 [ ص: 398 ] 17 - باب: مسح الغبار عن الرأس في السبيل

2812 - حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا عبد الوهاب ، حدثنا خالد ، عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله : ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه . فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه ، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال : كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة ، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين ، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح عن رأسه الغبار وقال : " ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية ، عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار " . [انظر : 447 - فتح: 6 \ 30]


ذكر فيه حديث عكرمة ، أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله : ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه . فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه ، فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال : كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة ، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين ، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح عن رأسه الغبار وقال : "ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار " .

قد سلف في بناء المسجد ، أنه كان ينقل لبنة عنه ولبنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال له : "تقتلك الفئة الباغية " .

وقوله : (وأخوه ) اعترضه الدمياطي الحافظ فقال : لم يكن له أخ من النسب إلا قتادة بن النعمان الظفري ، فإنه كان أخاه لأمه ، وقتادة مات زمن عمر ، وكان عمر أبي سعيد أيام بناء المسجد نحو عشر سنين أو دونها ، قال ابن بطال : وقوله : "يدعوهم إلى الله " : أريد -والله أعلم - أهل مكة الذين أخرجوا عمارا من دياره ، وعذبوه في ذات الله ، قال : ولا يمكن أن يتأول على المسلمين ; لأنهم أجابوا دعوة الله ، وإنما يدعى إلى الله من كان خارجا عن الإسلام .

[ ص: 399 ] وقوله : ("ويدعونه إلى النار " ) تأكيد للأول ; لأن المشركين إذ ذاك طالبوه بالرجوع عن دينه .

فإن قلت : فتنة عمار كانت أول الإسلام ، وهنا قال : "يدعوهم " بلفظ المستقبل وما قلته لفظ الماضي ؟

فالجواب : أن العرب قد تخبر عن المستقبل بالماضي إذا عرف المعنى كعكسه ، فمعنى يدعوهم : دعاهم إلى الله ، فأشار إلى ذكر هذا لما تطابقت شدته في نقله لبنتين شدته في صبره بمكة على العذاب ; تنبيها على فضيلته ، وثباته في أمر الله ، ومسحه - صلى الله عليه وسلم - الغبار عن رأس عمار رضا من رسول الله بفعله ، وشكرا له على عزمه في ذات الله ، قاله المهلب .

وقوله : (لبنة ) : هو بفتح اللام وكسر الباء ويجوز كسر اللام وإسكان الباء قال ابن فارس : اللبنة من اللبن ، معروفة وضبطها بالثاني قال : ويقال : لبنة .

وقوله : ("ويح عمار ") ترجم له ، وذلك أن قوله تعالى : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان [النحل : 106] نزلت فيه كما قاله المفسرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية