التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2658 [ ص: 400 ] 18 - باب: الغسل بعد الحرب والغبار

2813 - حدثنا محمد ، أخبرنا عبدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة -رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع يوم الخندق ووضع السلاح واغتسل ، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال : وضعت السلاح ، فوالله ما وضعته . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فأين " . قال ها هنا . وأومأ إلى بني قريظة . قالت : فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . [انظر : 463 - مسلم: 1769 - فتح: 6 \ 30] .


حدثنا محمد ، ثنا عبدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع يوم الخندق ووضع السلاح واغتسل ، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال : وضعت السلاح ، فوالله ما وضعته . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فأين ؟ " . قال : ها هنا . وأومأ إلى بني قريظة . قالت : فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

الشرح :

محمد هذا هو ابن سلام فيما ذكره الجياني ، وساقه في بني قريظة عن عبد الله بن أبي شيبة ، عن ابن نمير ، عن هشام به .

وقوله : (فأتاه جبريل ) هذه الفاء زائدة .

قال القرطبي : كذا وقع في الرواية " والصواب : طرحها فإنه جواب لما ، ولا تدخل الفاء في جوابها ، وكأنها زائدة كما زيدت الواو في جوابها في قول امرئ القيس :


فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا بطن حتف ذي ركام عقنقل



[ ص: 401 ] وإنما انتحى هو فزاد الواو ، وإنما اغتسل للتنظيف كما قاله المهلب ، وإن كان الغبار في سبيل الله شاهدا من شواهد الجهاد وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : "ما أغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار " ، ألا ترى أن جبريل لم يغسله عن نفسه تبركا به في سبيل الله ، وفيه : دلالة أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخرج إلى حرب إلا بإذن ، قاله ابن بطال .

وعصب : مخفف ، يقال : عصبه وعصبه الغبار إذا ركبه ، وعلق به ولصق ، ومنه : سميت العصبة : وهم قرابة الرجل من أبيه ، قال ابن التين : معناه أحاط به كالعصابة . وقيل : معناه ركب رأسه الغبار وعلق به ، يقال : عصب الريق بفمي ، إذا جف فبقيت منه لزوجة تمسك الفم .

وفيه : قتال الملائكة بسلاح .

وفيه : دلالة على أن الملائكة تصحب المجاهدين في سبيل الله ، وأنها في عونهم ما استقاموا فإن خانوا وغلوا فارقتهم ، يدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : "مع كل قاض ملكان يسددانه ما أقام الحق فإذا جار تركاه " . والمجاهد حاكم بأمر الله في أعوانه وأصحابه .

[ ص: 402 ] قال (ابن المنير ) : إنما بوب البخاري على هذا الحديث هنا ; لئلا يتوهم كراهية غسل الغبار ; لأنه من حميد الآثار كما كره بعضهم مسح ماء الوضوء بالمنديل ، وبين جوازه بالعمل المذكور .

وفيه : يمين الصادق تأكيدا لقوله : (وأومأ : أشار ) ويقال : ومأ بمعناه .

فائدة :

قال مالك : كانت غزوة الخندق وهي غزوة الأحزاب سنة أربع ، وقيل : سنة خمس ، قال : وكانت في برد شديد ولم يستشهد يومئذ إلا أربعة أو خمسة ، ويومئذ نزلت : إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم [الأحزاب : 10] جاءت قريش من هاهنا ، واليهود من هنا ، ونجد -يريد هوازن - من هنا ، قال : وانصرف من قريظة لأربع خلون من ذي الحجة .

التالي السابق


الخدمات العلمية