التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2664 [ ص: 415 ] 22 - باب: الجنة تحت بارقة السيوف

وقال المغيرة : بن شعبة أخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن رسالة ربنا : "من قتل منا صار إلى الجنة " .

وقال عمر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم - أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : "بلى " .

2818 - حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا أبو إسحاق ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم أبي النضر -مولى عمر بن عبيد الله ، وكان كاتبه - قال : كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " . تابعه الأويسي عن ابن أبي الزناد ، عن موسى بن عقبة . [2833 ، 2933 ، 2965 ، 2966 ، 3025 ، 3025 ، 4115 ، 6392 ، 7237 ، 7489 - مسلم: 1742 - فتح: 6 \ 33]


ثم ساق حديث عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " .

قال أبو عبد الله : تابعه الأويسي ، عن ابن أبي الزناد ، عن موسى بن عقبة .

الشرح :

التعليق الأول : أسنده في الجزية عن الفضل بن يعقوب ، عن عبد الله بن جعفر الرقي ، عن المعتمر بن سليمان ، عن سعيد بن عبيد الله الثقفي ، عن بكر بن عبد الله المزني وزياد بن جبير كلاهما ، عن جبير بن حية الثقفي عنه مطولا يذكر إسلام المرزبان ومشاورة عمر له في أمر القتال .

[ ص: 416 ] و (المعتمر ) (هذا ) هو ابن سليمان بن طرخان التيمي كما قاله أصحاب الأطراف ، والمستخرجات والمترجمون .

وأما الحافظ الدمياطي فقال : إنه وهم ، والصواب : المعمر بن سليمان الرقي ; لأن عبد الله بن جعفر الرقي لا يروي عن التيمي .

ولم نره لغيره ; بل ولا ذكر المعمر في رجال البخاري ولما ذكروا ابن جعفر قالوا : روى عن المعتمر التيمي .

والتعليق الثاني : عن عمر خرجه أيضا عن أحمد بن إسحاق ، عن يعلى بن عبيد ، حدثنا عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي وائل ، عن سهل بن حنيف قال : قال عمر . . فذكره .

وحديث ابن أبي أوفى متفق عليه .

وقوله : (تابعه . . إلى آخره ) : يعني : أن الأويسي تابع معاوية بن عمر ، والذي رواه عن أبي إسحاق ، عن موسى بن عقبة .

[ ص: 417 ] قال ابن المنير : كأن البخاري أراد بالترجمة أن السيوف لما كانت لها بارقة شعاع كان لها أيضا ظل تحتها ، وترجم ببارقة ، يريد لمع السيوف ، من قولهم ناقة بروق إذا لمعت بذنبها من غير لقاح وهو مثل : "الجنة تحت ظلال السيوف " وكذا قال ابن بطال : هو من البريق ، وهو معروف . قال الخطابي : يقال : أبرق الرجل بسيفه إذا لمع به ، ويسمى السيف إبريقا ، وهو أفعل من البريق .

إذا تقرر ذلك ; فالكلام عليه من وجهين :

أحدهما : قال المهلب : فيه : أنه قد يجوز أن يقطع لقتلى المسلمين كلهم بالجنة ; لقول عمر على الجملة من غير أن يشخص من هذه الجملة واحد فيقال : إن هذا في الجنة إلا بخبر فيه بعينه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "والله أعلم بمن يجاهد في سبيله " ، فنحن نقطع بظاهر الحديث في الجملة ونكل التفصيل والغائب من النيات لله تعالى ; لئلا يقطع في علم الله بغير (خبر ) ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - حين سئل فقيل له : منا من يقاتل للمغنم ، وليرى مكانه ، وللدنيا . وغير ذلك فلما فصل له تبرأ من القطع على الغيب فقال : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " .

وهذا القول يقضي على سائر معاني الحديث ، والمسألة والترجمة صحيحة ، وأن من قتل أو قتل في إعلاء كلمة الله فهو في الجنة .

[ ص: 418 ] ثانيهما : قوله : ("واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " ) أي : ثواب الله ، والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله ومشي المجاهدين في سبيله ، فأحضروا فيه بصدق وأثيبوا ، وهذا من كلامه البديع النفيس الذي جمع ضروب البلاغة من جزالة اللفظ وعذوبته ، فإنه استفيد منه مع وجازته الحض على الجهاد ، والإخبار بالثواب عليه ، والحض على مقارنة العدو واستعمال السيوف والاعتماد عليها ، واجتماع المقاتلين حين الزحف حتى تكون سيوفهم بعضها يقع على العدو ، وبعضها يرتفع عنهم حتى كأن السيوف أظلت الضاربين بها ، قال ابن الجوزي : والمراد أن دخوله الجنة يكون بالجهاد ، والظلال : جمع ظل ، فإذا دنا الشخص من الشخص صار تحت ظل سيفه ، وقال في موضع آخر : وإذا تدانى الخصمان صار كل واحد منهما تحت ظل سيف الآخر ، فالجنة تنال بهذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية