التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2668 2823 - حدثنا مسدد ، حدثنا معتمر قال : سمعت أبي قال : سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، وأعوذ بك من عذاب القبر " . [4707 ، 6367 ، 6371 - مسلم: 2706 - فتح: 6 \ 36]


ذكر فيه حديث عمرو بن ميمون الأودي قال : كان سعد يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ، ويقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة : "اللهم إني أعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وأعوذ بك من عذاب القبر " .

وحديث أنس : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، وأعوذ بك من عذاب القبر " .

[ ص: 432 ] الشرح :

حديث سعد من أفراده ، وحديث أنس يأتي في الدعوات ، وأخرجه مسلم أيضا ، وأخرجه أبو داود في الصلاة ، والنسائي في الاستعاذة ، وسلف في باب الدعاء قبل السلام من حديث عائشة ، نحو حديث أنس .

أما استعاذته من الجبن فلأنه يؤدي إلى عذاب الآخرة كما قاله المهلب ; لأنه يفر من قرنه في الزحف ، فيدخل تحت وعيد الله فيمن ولى فقد باء بغضب من الله [الأنفال : 16] وربما يفتتن في دينه فيرتد لجبن أدركه وخوف على مهجته من الأسر والعبودية .

و ("أرذل العمر " ) : أردأه ، وهو حالة الهرم والضعف عن أداء الفرائض وعن خدمة نفسه مما يتنظف فيكون كلا على أهله مستثقلا فيهم .

و ("فتنة الدنيا " ) أن يبيع الآخرة مما يتعجله في الدنيا من حال أو مال .

وتعوذه من العجز ; لئلا يعجز عما يلزمه فعله من منافع الدين والدنيا .

("والعجز " ) : ذهاب القدرة في وجد ، وهو الكسل عن الشيء مع القدرة على الأخذ في عمله ، وكلاهما يجوز أن يتعوذ منه ، وقال ابن بطال : اختلف في معنى العجز ، فأهل الكلام يجعلونه ما لا استطاعة لأحد على ما عجز عنه ; لأنها عندهم مع الفعل ، وأما الفقهاء فيقولون : إنه هو ما يستطيع أن يعمله إذا أراد ; لأنهم يقولون : إن الحج ليس على الفور ، ولو كان على المهلة عند أهل الكلام لم

[ ص: 433 ] يصح معناه ; لأنها لا تكون إلا مع الفعل ، والذين يقولون بالمهلة يجعلونها قبله .

قال : ("والكسل " ) مجمعون على أنه ضعف الهمة ، وإيثار الراحة للبدن على التعب ، وإنما استعيذ منه ; لأنه يبعد عن الأفعال الصالحة للدنيا والآخرة وسيأتي أيضا في الدعاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية