التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2677 2832 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثني صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد ، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى عليه : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال : فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي ، فقال : يا رسول الله ، لو أستطيع الجهاد لجاهدت . وكان رجلا أعمى ، فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وفخذه على فخذي ، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ، ثم سري عنه ، فأنزل الله -عز وجل - : غير أولي الضرر [النساء :95] [4529 - فتح: 6 \ 45]


ثم ساق حديث البراء : لما نزلت : لا يستوي القاعدون من المؤمنين [النساء : 95] دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدا ، فجاء بكتف فكتبها ، وشكا ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت : غير أولي الضرر [النساء : 95] .

وحديث سهل بن سعد ، عن مروان ، عن زيد مثله .

[ ص: 463 ] الشرح :

حديث البراء أخرجه مسلم ، وحديث زيد من أفراده ، ويأتيان في التفسير .

وفيه لطيفة : (وهو ) صحابي : وهو سهل بن سعد ، يروي عن مروان وهو تابعي ، وقيل : إن جبريل صعد وهبط في مقدار ألف سنة ، قبل أن يجف القلم ، أي : بسبب أولي الضرر ، حكاه ابن التين ، ثم قال : وهذا يحتاج أن يكون جبريل يتناول ذلك من السماء الدنيا والأمر كذلك ; لأن القرآن نزل جملة إليها ليلة القدر ، ثم نزل بعدها متفرقا .

وهو دال على أن من حبسه العذر وغيره عن الجهاد وغيره من أعمال البر مع نيته فيه فله أجر المجاهد والعامل ; لأن نص الآية على المفاضلة بين المجاهد والقاعد ، ثم استثنى من المفضولين أولي الضرر ، وإذا استثناهم منهم فقد ألحقهم بالفاضلين ، وقد بين الشارع هذا المعنى فقال : "إن بالمدينة أقواما ما سلكنا واديا أو شعبا إلا وهم معنا حبسهم العذر " ، وكذا جاء عنه في كل من كان يعمل شيئا من الطاعات ثم حبسه مرض أو سفر أو غيره أنه يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ، وكذا من نام عن حزبه ، نوما (غالبا ) كتب له أجر حزبه وكان نومه صدقة عليه ، وهذا معنى قوله تعالى : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون [التين : 6] ، أي : غير مقطوع بزمانة أو كبر أو ضعف ; ففي هذا أن الإنسان يبلغ بنيته أجر العامل إذا كان

[ ص: 464 ] لا يستطيع العمل الذي ينويه ، وسيأتي (أيضا ) في باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة .

وفيه : اتخاذ الكاتب وتقييد العلم .

وفيه : قرب الكاتب من مستمليه حتى تمس ركبته ركبته لقوله : (وفخذه على فخذي ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية