التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2685 [ ص: 473 ] 36 - باب: فضل الصوم في سبيل الله

2840 - حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني يحيى بن سعيد وسهيل بن أبي صالح أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش ، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " . [مسلم : 1153 - فتح: 6 \ 47]


ذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " .

أي : مسيرة سبعين عاما ، وهو مبالغة في البعد عنها ، والمعافاة منها ، وكثيرا ما يجيء السبعون عبارة عن التكثير ، وفي النسائي من حديث عقبة "مسيرة مائة عام " ، وهذا لمن لا يضعفه الصوم .

و (الخريف ) : آخر فصول السنة ، وهو الزمان الذي تخترف فيه الثمار أي : تجتنى ، وهذا الحديث يدل أن الصيام في سائر أعمال البر أفضل إلا أن يخشى ضعفا عند اللقاء كما سلف -لأنه قد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأصحابه في بعض المغازي ، حين قرب من الملاقاة بأيام يسيرة : "تقووا لعدوكم " فأمرهم بالإفطار - ولأن نفسه ضعيفة ، وقد جبل الله الأجساد على أنها لا قوام لها إلا بالغذاء ، ولهذا (المعنى ) قال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو : "أفضل الصوم صوم داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى " ، فلا يكره الصوم البتة إلا عند اللقاء

[ ص: 474 ] وخشية الضعف عند القتال ; لأن الجهاد وقتل المشركين أعظم أجرا من الصوم لمن فيه قوة .

فائدة :

روي مثل هذا الحديث من طريق أبي هريرة ، أخرجه الترمذي بلفظ : "أربعين " وفي لفظ : "سبعين " ثم قال : غريب من هذا الوجه . ونقل في "علله " عن البخاري أنه قال : لا أعلم رواه إلا ابن لهيعة عن أبي الأسود وأبي أمامة ، أخرجه الترمذي من حديث القاسم بن عبد الرحمن عنه : "جعل الله بينه وبين النار كما بين السماء والأرض " ثم قال : غريب .

ولابن عساكر : "بعده الله من النار مسيرة مائة سنة حضر الفرس الجواد " .

وأنس أخرجه أيضا الترمذي من حديث أبان عنه : "من صام يوما في سبيل الله تباعدت منه جهنم خمسمائة عام " .

وابن عمر أخرجه أيضا من حديث مندل بن علي ، عن عبد الله بن مروان ، عن بعجة ، عن أبيه عنه : "من صام يوما في سبيل الله فهو بسبعمائة يوم " .

[ ص: 475 ] وعقبة بن عامر ; أخرجه النسائي .

وعمرو بن عنبسة ; أخرجه الطبراني .

وجابر ; أخرجه ابن جميع .

وسهل بن معاذ ; أخرجه أبو يعلى .

وعتبة بن عبد السلمي ; أخرجه ابن أبي عاصم .

فائدة أخرى :

(سبيل الله ) الأكثر في الشرع واللغة استعماله في الجهاد ، وسببه هنا اجتماع العبادتين الجهاد والصوم ، ويحتمل أن يريد به طاعته كيف كانت .

التالي السابق


الخدمات العلمية