التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2697 [ ص: 499 ] 44 - باب: الجهاد ماض مع البر والفاجر

لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "الخيل معقود . . " .

2852 - حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زكرياء ، عن عامر ، حدثنا عروة البارقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الأجر والمغنم " . [انظر : 2850 - مسلم: 1873 - فتح: 6 \ 56]


فذكره ، ثم ذكر حديث عروة البارقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "الخيل . . " فذكره ، وزاد في آخره : "الأجر والمغنم " .

الشرح :

هذه الأحاديث الثلاثة أخرجها مسلم أيضا وانفرد بإخراجه من حديث جرير .

و (ابن أبي السفر ) اسمه عبد الله بن أبي السفر سعيد بن يحمد -ويقال : ابن أحمد - الهمداني (البكلي ) الثوري الكوفي ، توفي في خلافة مروان بن محمد ، وتوفي والده في ولاية خالد بن عبد الله القسري على العراق ، وكانت من سنة خمس ومائة إلى سنة عشرين ومائة .

و (حصين بن عبد الرحمن ) كوفي أيضا ، ابن عم منصور بن المعتمر .

و (هشيم ) هو ابن بشير .

و (أبو التياح ) هو يزيد بن حميد .

والتعليق عن سليمان وحصين أخرجه أبو نعيم عن فاروق ، ثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا شعبة ، عن عبد الله بن

[ ص: 500 ] أبي السفر
وحصين ، عن الشعبي ، عن عروة ، وحدثنا أبو إسحاق بن حمزة ، ثنا حامد ، ثنا شريح ، عن هشيم . وقال أحمد : ثنا هشيم ، فذكره ، وقال : (عروة البارقي ) .

وخرج البخاري في الخمس : حدثنا مسدد ، عن خالد ، عن حصين ، فقال : (عروة البارقي ) .

ورواه ابن أبي عاصم ، عن غندر ، عن شعبة ، عن ابن أبي السفر ، عن الشعبي قال : عن عروة البارقي .

قال الحميدي : زاد البرقاني في حديث الشعبي من رواية عبد الله بن إدريس عن حصين يرفعه : "الإبل عز لأهلها والغنم بركة " ، ورواه الإسماعيلي من حديث ابن مهدي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن العيزار بن حريث ، عن عروة بن أبي الجعد ، قال شعبة : وحدثني حصين وعبد الله ، سمعا الشعبي يحدث عن عروة بن أبي الجعد .

قال الإسماعيلي : قال ابن أبي عدي وسليمان : عن شعبة بن أبي الجعد . وقال أبو داود وروح وأبو الوليد عنه : ابن الجعد ، وكذلك قال غندر .

وفي الباب عن عتبة بن عبد السلمي أخرجه أبو داود ، وسلمة بن نفيل أخرجه البزار وزيادة : "وأهلها معانون " ، والمغيرة وجابر وسوادة بن الربيع وجد يزيد بن عبد الله بن غريب المليكي ، عن أبيه ،

[ ص: 501 ] عن جده ، ذكرهم ابن أبي عاصم ، وأبي هريرة ذكره أبو بكر بن المقرئ ، وأسماء بنت يزيد ذكره أحمد ، وعلي ذكره ابن منده ، وابن مسعود والبراء ذكرهما أبو القاسم البغوي ، وحذيفة وسهل بن الحنظلية ذكرهما ابن عساكر ، وأبي أمامة ذكره أبو طاهر الذهلي ، وأبي ذر ذكره عبد الله بن وهب .

إذا تقرر ذلك ; ففيه الترغيب في الغزو على الخيل أي المعدة للجهاد بخلاف المعدة للخيلاء ، وأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة ، وفي الحديث : "الجهاد ماض منذ بعث الله نبيه إلى آخر عصابة تبقى من أمتي تقاتل الدجال " .

وترجم البخاري به على استمراره تحت راية كل بر وفاجر ، وفي رواية أبي الحسن : (على البر والفاجر ) وفي رواية أبي ذر وغيره ، وتبويب الإسماعيلي (مع ) بدل (على ) فعلى الأولى أنه يجب على كل أحد ، وعلى الثاني يجب مع الإمام العدل ومع غير العدل ، وأنه واجب لا يجوز تركه .

"والأجر والمغنم " : هو معنى ما بوب له البخاري ; لأن الغنيمة إنما تنشأ غالبا عن الجهاد .

واستدلاله أيضا : أن الجهاد ماض معهما صحيح من أجل أنه أبقى الخير في نواصيها إلى يوم القيامة ، وقد علم أن من أمته أئمة جور لا يعدلون ويستأثرون بالمغانم ، فأوجب الغزو معهم . ويقوي هذا

[ ص: 502 ] المعنى أمره بالصلاة وراء كل بر وفاجر من السلاطين ، وأمره بالسمع والطاعة ولو كان عبدا حبشيا .

وفيه : الحث على ارتباط الخيل في سبيله تعالى يريد أن من ارتبطها كان له ثواب ذلك فهو خير آجل ، وما يصيبه على ظهورها من المغانم وفي بطونها من النتاج خير عاجل .

و (الناصية ) : قصاص الشعر ، وهو المراد بقول الخطابي : إنها الشعر المسترسل على الجبهة . وخص النواصي بالذكر لأن العرب تقول غالبا : فلان مبارك الناصية . فيكنى به عن الإنسان . والمراد بالخير هنا : المال . قال تعالى : إن ترك خيرا [البقرة : 108] وقال تعالى في قوله : إني أحببت حب الخير [ص : 32] وقد سلف تفسير الخير في الحديث بالأجر والمغنم .

وفي "مسند أبي داود الطيالسي " أيضا بإسناد على شرط البخاري . قيل : يا رسول الله ، ما الخير ؟ قال : "الأجر والمغنم " وهو أيضا تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - : " مع ما نال من أجر أو غنيمة " أن "أو " بمعنى الواو فكأنه قال : مع ما نال من أجر وغنيمة أو أجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية