التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2698 [ ص: 503 ] 45 - باب: من احتبس فرسا في سبيل الله لقوله تعالى : ومن رباط الخيل [الأنفال : 60]

2853 - حدثنا علي بن حفص ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا طلحة بن أبي سعيد قال : سمعت سعيدا المقبري يحدث أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده ، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة " . [فتح: 6 \ 57]


وذكر فيه حديث أبي هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده ، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة " .

الشرح :

هذا الحديث أخرجه البخاري من حديث طلحة بن أبي سعيد عن المقبري عنه ، وفي الباب عن أسماء بنت يزيد وعلي وزيد بن ثابت وسهل بن الحنظلية وسوادة بن الربيع .

أخرج الأول أحمد بلفظ : "من ارتبط فرسا في سبيل الله فأنفق عليه احتسابا كان شبعه وجوعه وريه وظمؤه وبوله وروثه في ميزانه يوم القيامة ، ومن ارتبط فرسا رياء وسمعة كان ذلك خسرانا في ميزانه يوم القيامة " .

وأخرج الثاني : ابن بنت منيع من حديث الحارث عنه بلفظ : "من ارتبط فرسا في سبيل الله فعلفه وأثره في موازينه يوم القيامة " .

والثالث : عبد بن حميد في "مسنده " بإسناد فيه ضعف بلفظ : "من حبس فرسا في سبيل الله كان سترة من النار " .

[ ص: 504 ] والرابع : ابن أبي عاصم من حديث المطعم بن المقدام ، عن الحسن ، عن سهل بلفظ : "من ارتبط فرسا في سبيل الله كانت النفقة عليه كالماد يده بصدقة لا يقبضها " .

والخامس : أخرجه أيضا بلفظ : "ارتثوا الخيل " ، وأخرج مثله من حديث يزيد بن غريب المليكي عن أبيه عن جده مرفوعا ، ومن حديث محمد بن عقبة القاضي عن أبيه عن جده عن تميم الداري مرفوعا : "من ارتبط فرسا في سبيل الله فعالج علفه كان له بكل حبة حسنة " .

إذا تقرر ذلك ; فالحديث دال على أن الأحباس جائزة في الخيل (والرباع وغيرها ; لأنه إذا جاز في الخيل ) للمدافعة عن المسلمين وعن الدين والنفع لهم بجر الغنائم والأموال إليهم ، فكذلك تجوز في الرباع المثمرة لهم ، نبه عليه المهلب .

وما وصفه من الروث وغيره إنما يريد ثوابه لا أن الروث هو الموزون ، بل أجره ، ولا نقول : إن زنة الأجر زنة الروث ، بل أضعافه إلى ما شاء الله تعالى .

وفيه : أن النية قد يؤجر الإنسان بها كما يؤجر العامل ; لأن هذا إنما احتبس فرسه ليقاتل عليه ويغير ، فعوض من أجر العمل المعدوم في ترك استعماله فيه بعد نفقاته وأرواثه أجرا له ، مع أنه في رباطه نافع ; لأن الإرهاب بارتباطه في نفس العدو وسماعهم عنه نافع .

وفيه : أن الأمثال تضرب لصحة المعاني وإن كان فيها بعض المكروهات الذكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية