التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2707 [ ص: 528 ] 50 - باب: الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل

وقال راشد بن سعد : كان السلف يستحبون الفحولة من الخيل لأنها أجرى وأجسر .

2862 - حدثنا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله أخبرنا شعبة ، عن قتادة ، سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان بالمدينة فزع ، فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسا لأبي طلحة ، يقال له : مندوب ، فركبه ، وقال : " ما رأينا من فزع ، وإن وجدناه لبحرا " . [مسلم : 2307 - فتح: 6 \ 66]


أخبرنا أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله ، أنا شعبة ، عن قتادة قال : سمعت أنس بن مالك قال : كان بالمدينة فزع ، فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسا لأبي طلحة ، يقال له : مندوب ، فركبه ، وقال : "ما رأينا من فزع ، وإن وجدناه لبحرا " .

وقد سبق غير مرة ، وأثر راشد حكاه غيره عن أنس عنهم .

و (أحمد ) هذا هو ابن محمد بن موسى مردويه ، كما قاله الحاكم ، أو ابن محمد بن ثابت شبويه ، كما قاله الدارقطني .

وفيه : أن ذكور الخيل أفضل للركوب من الإناث لشدتها وجرأتها ، ومعلوم أن المدينة لم تخل من إناث الخيل ، ولم ينقل أنه - صلى الله عليه وسلم - ولا جملة أصحابه أنهم ركبوا غير الفحول ، ولم يكن ذلك إلا لفضلها على الإناث ، إلا ما ذكر عن سعد بن أبي وقاص أنه كان له فرس أنثى بلقاء ، نبه عليه ابن بطال ، وذكر سيف في "الفتوح " : أنها التي

[ ص: 529 ] ركبها أبو محجن حين كان عند سعد مقيدا بالعراق ، وفي "سنن الدارقطني " : عن المقداد قال : غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر على فرس لي أنثى .

وروي عن خالد بن الوليد أنه كان لا يقاتل إلا على أنثى ; لأنها تدفع البول وهي تجري ، والفحل يحبس البول في جوفه حتى ينفتق ; ولأن الأنثى أقل صهيلا ، وروى الوليد ، عن إسماعيل ، عمن أخبره ، عن عبادة بن نسي -أو ابن محيريز - أنهم كانوا يستحبون إناث الخيل في الغارات والبيات . ولما خفي من أمور الحرب ، وكانوا يستحبون فحول الخيل في الصفوف والحصون (والمتستر ) من العسكر ، ولما ظهر من أمور الحرب ، وكانوا يستحبون خصيان الخيل في الكمين والطلائع ; لأنها أصبر وأبقى في الجهد ، وروى أبو عبد الرحمن ، عن معاذ بن العلاء ، عن يحيى بن أبي كثير رفعه : "عليكم بإناث الخيل ، فإن ظهورها عز وبطونها كنز " . وفي لفظ : "ظهورها حرز " .

وقوله : ("وإن وجدناه لبحرا " ) أي : واسع الجري كما سلف ، و (إن ) في قول الكوفيين بمعنى (ما ) ، واللام بمعنى (إلا ) وهي عند البصريين مخففة من الثقيلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية