التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2735 [ ص: 596 ] 73 - باب: فضل رباط يوم في سبيل الله

وقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا الآية [آل عمران : 200] .

2892 - حدثنا عبد الله بن منير ، سمع أبا النضر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها ، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها " . [انظر : 2794 - مسلم: 1881 - فتح: 6 \ 85]


ذكر فيه حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما (عليها ) ، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها ، (والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها ) " .

هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا بدون الزيادة الأخيرة ، وفي الآية أقوال :

أحدها : عن الحسن وقتادة وابن جريج والضحاك : اصبروا على طاعة الله وصابروا أعداءه ورابطوا في سبيله .

ثانيها : عن محمد بن كعب القرظي : اصبروا على دينكم ، وصابروا (وعدي ) ، ورابطوا أعداءكم واتقوا الله فيما بيني وبينكم

[ ص: 597 ] لعلكم تفلحون غدا إذا لقيتموني .

ثالثها : عن زيد بن أسلم : اصبروا على الجهاد وصابروا العدو ورابطوا الخيل عليه .

رابعها : رابطوا : انتظروا الصلاة بعد الصلاة في المساجد ; لأنه لم يكن حينئذ رباط ولا فتحت البلدان التي يكون فيها الرباط .

خامسها : اصبروا على المصائب وصابروا الصلوات الخمس ورابطوا أعداء الله وروي عن الحسن .

والرباط ضربان : المقام بالثغر وهو غير الوطن فإن كان وطنه فليس برباط ، قاله مالك فيما نقله ابن حبيب ، والأصل فيه الآية المذكورة وحديث الباب : "رباط يوم . . " إلى آخره .

و رباط الخيل : أصله من الربط بالحبل والمقود ، فمعنى ربطها في سبيل الله : اتخاذها لهذا ، قال تعالى : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل [الأنفال : 60] .

قال ابن قتيبة : أصل الرباط والمرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم في الثغر ، كل يعد لصاحبه ، وإنما صار رباط يوم في سبيل الله خيرا من الدنيا وما فيها ; لأنه عمل يؤدي إلى الجنة ،

[ ص: 598 ] وصار موضع سوط في الجنة خيرا من الدنيا وما فيها من أجل أن الدنيا فانية ، وكل شيء في الجنة باق ، وإن صغر في التمثيل قلنا : (وليس ) ، لباقيها صغير فهو أدوم وأبقى من الدنيا الفانية المنقطعة ، فكان الباقي الدائم خيرا من المنقطع .

التالي السابق


الخدمات العلمية