التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2749 باب 2905 - حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن سفيان قال : حدثني سعد بن إبراهيم ، عن عبد الله بن شداد ، عن علي حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن سعد بن إبراهيم قال : حدثني عبد الله بن شداد : قال سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول : ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفدي رجلا بعد سعد ، سمعته يقول : " ارم فداك أبي وأمي " . [4058 ، 4059 ، 6184 - مسلم: 2411 - فتح: 6 \ 93]


ذكر فيه حديث علي : ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفدي رجلا بعد سعد ، سمعته يقول : "ارم فداك أبي وأمي " .

الشرح :

ادعى المهلب أن هذا مما خص به سعد ، وليس كذلك ففي الصحيحين أنه فدى الزبير بذلك ، وقد سلف ، ولعل عليا لم يسمعه . قال النووي : وقد جمعهما لغيرهما أيضا ، والفدية بذلك جائزة عند الجمهور ، وكرهه عمر بن الخطاب والحسن البصري ، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه . والصحيح الجواز مطلقا ; لأنه ليس فيه حقيقة فداء ، وإنما هو بر ولطف وإعلام بمحبته له ، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقا .

وأما ما روى أبو أسامة - عن مبارك ، عن الحسن : دخل الزبير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو شاك ; فقال : كيف تجدك جعلني الله فداك ؟ فقال

[ ص: 627 ] - صلى الله عليه وسلم - : "ما تركت أعرابيتك بعد "
قال الحسن : لا ينبغي أن يفدي أحد أحدا . ورواه المنكدر عن أبيه قال : دخل الزبير فذكره . . - فغير صحيح لإرسال الأول وضعف الثاني .

قال الطبري : هذه أخبار واهية لا (يثبت بمثلها ) حجة ; لأن مراسيل الحسن أكثرها صحف غير سماع ، وإذا وصل الأخبار فأكثر روايته عن مجاهيل لا يعرفون ، والمنكدر بن محمد عند أهل النقل لا يعتمد على نقله . وعلى تقدير الصحة ليس فيه النهي عن ذلك ، والمعروف من قول القائل إذا قال : فلان لم يترك أعرابيته أنه نسبه إلى الجفاء لا إلى فعل ما لا يجوز ، وأعلمه أن غيره من القول والتحية ألطف وأرق منه . وسيمر بك شيء من هذا المعنى في كتاب الأدب إن شاء الله .

ثم التفدية منه دعاء ، وأدعيته مستجابة ، وقد يوهم أن يكون فيه إزراء بحق الوالدين ، وإنما جاز ذلك ; لأن أبويه ماتا وهما هما ، وسعد مسلم ، ففديته بهما غير محظور ، قاله الخطابي .

وفيه : دلالة على حرمة الأبوة كيف كانت وحقها ; لأنه لا يفدي إلا بذي حرمة ومنزلة ، وإلا لم تكن بفدية ولا بفضيلة للمفدى . ومن هنا قال مالك : من آذى مسلما في أبويه الكافرين عوقب وأدب بحرمتهما عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية