التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2752 [ ص: 631 ] 83 - باب: حلية السيوف

2909 - حدثنا أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا الأوزاعي قال : سمعت سليمان بن حبيب قال : سمعت أبا أمامة يقول : لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة ، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد . [فتح: 6 \ 95]


ذكر فيه : حدثنا أحمد بن محمد ، ثنا عبد الله ، أنا الأوزاعي : سمعت سليمان بن حبيب قال : سمعت أبا أمامة يقول ؟ لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة ، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد .

وهو من أفراده ، وعند الإسماعيلي : دخل -يعني سليمان بن (حبيب ) - على أبي أمامة حمص فبصر برجل عليه سيف محلى ، فغضب غضبا شديدا وقال : لأنتم أبخل من أهل الجاهلية ، إن الله يرزق منكم الدرهم ينفقه في سبيل الله بسبعمائة ، ثم إنكم تمسكون . ولما رواه أبو نعيم : قال الأوزاعي : (العلابي ) : الجلود الخام التي ليست بمدبوغة . ولابن ماجه : دخلنا على أبي أمامة فرأى في سيوفنا [شيئا] من حلية فضة ، فغضب . . الحديث .

و (عبد الله ) في سند البخاري هو ابن المبارك .

و (الأوزاعي ) هو الإمام عبد الرحمن بن عمرو ، سكن (في ) الأوزاع فنسب إليهم .

و (سليمان بن حبيب ) هو المحاربي ، قاض شامي ، تقضى سبعا وعشرين سنة ، وأبي أمامة اسمه صدي بن عجلان .

[ ص: 632 ] إذا تقرر ذلك ، فالعلابي جمع علباء ، وهي : عصب العنق يشرك ويشد بها -وهي رطبة - أجفان السيوف . وقيل : هي أمتن ما يكون من البعير من الأعصاب . وقيل : تجفف ثم تشقق ثم يشد بها أجفان السيوف . وقال قوم في تأويل الحديث : هي ضرب من الرصاص . ولذلك قرن به الآنك ، وهو ضرب منه ، ذكره القزاز منكرا على قائله ، وأنه ليس بمعروف ، إنما المراد شدها بالعلاب ، وهو العصب . وقال الداودي : هي الرصاص ، وأنكر عليه ذلك . وقال أبو (المعالي ) في "المنتهى " : العلباء العصبة الصفراء في عنق البعير ، وهما علباوان بينهما منبت العرق ، وإن شئت علباءان لأنها همزة ملحقة ، وإن شئت شبهتهما بالتأنيث التي في حمراء ، وبالأصلية التي في كساء ، والجمع : العلابي ، والعلابي أيضا : جنس من الرصاص . والعلابي في الحديث جمع علباء ; لأنهم كانوا يشدون سيوفهم بالعلابي .

و (الآنك ) : ضرب من الرصاص . وقال الفراء فيما حكاه في "الموعب " عنه : ربما أنث العلباء ، ذهبوا به إلى العصبة ، وهو قليل . وقال أبو حاتم : سألت بعض الفصحاء عن تأنيث العلباء ، فأنكره . وفي "نوادر اللحياني " : هو مذكر لا غير . وقال الجوهري : العلابي : العصب ، عصب العنق ، واحدها : علباء وقال : والعلابي أيضا الرصاص أو جنس منه . وقال الأزهري في "تهذيبه " : كانت العرب تشد بالعلابي الرطبة أجفان سيوفها فتجف عليها .

[ ص: 633 ] وقال ابن بطال : هو شرك . قال صاحب "العين " : رمح معلب ومعلوب مجلوز بالعلباء ، وهي : عصب العنق ، يقال : علبت السيف أعلبه علبا . إذا حزمت مقبضه بعلباء البعير . والآنك : الرصاص ، وهو الأسرب ، قاله ابن بطال . وقال ابن عزيز : هو الرصاص والأسرب ، وهو واحد لا جمع له . وقيل : هو من شاذ كلام العرب أن يكون واحد زنته أفعل ، وكذلك أشد مثله . وقال ابن فارس : هو الذي يقال له السرب . وقال عن أعرابي : هذا رصاص آنك ، وهو الخالص . وقال الداودي : الآنك : القصدير . وكذا قال في "الواعي " : أنه الأسرب . يعني : القصدير . زاد في "المغيث " : جعله بعضهم الخالص منه . وقيل : الآنك : اسم جنس ، والقطعة منه آنكة ، قيل : ويحتمل أن يكون الآنك فاعلا وليس بأفعل ، ويكون أيضا شاذا . وذكر الكراع أنه الرصاص القلعي . وقيل : الآنك : الرصاص الأبيض . وقيل : الأسود .

وفيه : كما قال المهلب أن الحلية المباحة من الذهب والفضة في السيوف إنما كانت ليرهب بها على العدو ، فاستغنى الصحابة بشدتهم على العدو وقوتهم في الإيقاع بهم والنكاية لهم عن إرهاب الحلية لإرهاب الناس وشجاعتهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية