التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
262 [ ص: 581 ] 11 - باب: تفريق الغسل والوضوء

ويذكر عن ابن عمر أنه غسل قدميه بعد ما جف وضوءه.

265 - حدثنا محمد بن محبوب قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب - مولى ابن عباس- عن ابن عباس قال: قالت ميمونة: وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين مرتين - أو ثلاثا- ثم أفرغ بيمينه على شماله، فغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، وغسل رأسه ثلاثا، ثم أفرغ على جسده، ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه. [انظر: 249 - مسلم: 317 - فتح: 1 \ 375]


هذا الباب يقع في بعض النسخ قبل الباب الذي قبله، وفي بعضها بعده، والشراح أيضا اختلفوا كذلك على حسب النسخ.

قال البخاري: ويذكر عن ابن عمر أنه غسل قدميه بعد ما جف وضوءه.

وهذا رواه بنحوه الشافعي، عن مالك، عن نافع، عنه أنه توضأ بالسوق، فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه، ثم دعي لجنازة، فدخل المسجد ليصلي عليها، فمسح على خفيه، ثم صلى عليها.

قال الشافعي: وأحب أن يتابع الوضوء ولا يفرقه، وإن قطعه فأحب أن يستأنف وضوءه. ولا يتبين لي أن يكون عليه استئناف وضوء.

قال البيهقي: وقد روينا في حديث ابن عمر جواز التفريق، وهو [ ص: 582 ] مذهب أبي حنيفة والشافعي في الجديد، وهو قول ابن عمر وابن المسيب وعطاء وطاوس والنخعي والحسن وسفيان بن سعيد ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم.

وعن الشافعي: لا يجزئه ناسيا كان أو عامدا، وهو قول عمر بن الخطاب، وبه قال قتادة وربيعة والأوزاعي والليث وابن وهب، وذلك إذا فرقه حتى جف، وهو ظاهر مذهب مالك، وإن فرقه يسيرا جاز. وإن كان ناسيا، فقال ابن القاسم: يجزئه.

وقال ابن حبيب عن مالك: يجزئه في الممسوح دون المغسول. وعن ابن أبي زيد: يجزئه في الرأس خاصة. وقال ابن مسلمة في "المبسوط": يجزئه في الممسوح رأسا كان أو خفا.

ثم ذكر البخاري حديث ميمونة:

عن محمد بن محبوب، ثنا عبد الواحد، ثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس [عن] ميمونة: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم ماء يغتسل به، فأفرغ على يديه، فغسلهما مرتين - أو ثلاثا-.. الحديث.

وقد سلف أيضا.

ومحمد (خ. د. س) هذا: بصري ثقة من أفراد البخاري. مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

[ ص: 583 ] وعبد الواحد: هو ابن زياد العبدي، مولاهم البصري. مات سنة ست وسبعين ومائة، قال النسائي: ليس به بأس.

وجه الدلالة لما ذكره البخاري أنه صلى الله عليه وسلم تنحى عن مقامه فغسل قدميه. فدل على عدم وجوبه، وكذا فعل ابن عمر، واحتج غيره بأن الله تبارك وتعالى أمر المتوضئ بغسل الأعضاء، فمن أتى ما أمر به متفرقا، فقد أدى ما أمر به، وجفوف الوضوء ليس بحدث، فكذا جفوف أعضائه.

وأجاب من أوجبه: بأن التنحي في حديث ميمونة كان قريبا، وهذا وإن قرب في حديث ميمونة، فيبعد في فعل ابن عمر. ومحل بسط المسألة كتب الخلاف.

التالي السابق


الخدمات العلمية