التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
[ ص: 197 ] 151 - باب: هل للأسير أن يقتل أو يخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟

فيه المسور عن النبي صلى الله عليه وسلم .


هذا الحديث المراد به قصة صلح الحديبية، وقد أسنده البخاري في الشروط كما سلف وغيره أيضا، وموضع الحاجة منه: قول أبي بصير لأحد الرجلين في سيفه وضربه حتى برد وفر الآخر.

واختلف العلماء في الأسير هل له أن يقتل المشركين أو يخدعهم حتى ينجو منهم؟ فقالت طائفة من العلماء: لا ينبغي للأسير المقام بدار الحرب إذا أمكنه الخروج، وإن لم يتخلص منهم إلا بقتلهم وأخذ أموالهم وإحراق دورهم فعل ما شاء من ذلك، وهو قول أبي حنيفة والطبري . وقال أشهب: إن خرج به العلج في الحديد ليفادى به فله أن يقتله إن أمكنه ذلك وينجو.

واختلفوا إذا أمنوه وعاهدهم على أن لا يهرب، فقال الكوفيون: إعطاؤه العهد على ذلك لا يلزم، وقال الشافعي : له أن يخرج ولا يأخذ شيئا من أموالهم؛ لأنه قد أمنهم بذلك كما أمنوه. وقال مالك: إن عاهدهم على ذلك لا يجوز أن يهرب إلا بإذنهم، وهو قول سحنون وابن المواز، قال ابن المواز: وهذا بخلاف ما إذا أجبروه أن يحلف ألا يهرب بطلاق أو عتاق أنه لا يلزمه؛ وذلك لأنه مكروه، ورواه أبو زيد، عن ابن القاسم، وقال غيره: لا معنى لمن

[ ص: 198 ] فرق بين يمينه ووعده أن لا يهرب؛ لأن حاله حال المكره حلف لهم أو وعدهم أو عاهدهم، سواء أمنوه أو خافوه؛ لأن الله تعالى فرض على المؤمن ألا يبقى تحت أحكام الكفار، وأوجب عليه الهجرة من دارهم، فخروجه على كل وجه جائز، والحجة في ذلك خروج أبي بصير وتصويب النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله ورضاه به.

التالي السابق


الخدمات العلمية