التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2885 3050 - حدثني محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه - وكان جاء في أسارى بدر - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور. [انظر: 765 - مسلم: 463 - فتح: 6 \ 168]


ذكر فيه حديث موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن أنس - رضي الله عنه - أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا: يا رسول الله، ائذن لنا فلنترك لابن أختنا العباس فداءه. فقال: "لا تدعون منه درهما"

وقال أنس : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمال من البحرين، فجاءه العباس فقال: يا رسول الله، أعطني فإني فاديت نفسي، وفاديت عقيلا. قال: "خذ". فأعطاه في ثوبه.

وحديث جبير بن مطعم - وكان جاء في أسارى بدر - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور.

[ ص: 277 ] وحديث أنس الأول من أفراده. قال الإسماعيلي : ولم يسمع موسى بن عقبة من ابن شهاب شيئا.

والحديثان بعده سلفا في الصلاة.

والعباس أسر يوم بدر وكان غنيا ففدى نفسه من القتل، وفدى عقيلا بمال، ثم بقي على حاله بمكة إلى زمن خيبر، وقيل: إنه أسلم سنة ثمان قبل الفتح، وإنما سأل الأنصار الذين أسروا العباس أن يتركوا فداءه لمكان عمومته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إكراما له بذلك فأبى - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، وأراد توهين المشركين بالغرم، وأن يضعف قوتهم بأخذ المال منهم، وقيل: إنه كان تداين في ذلك العباس وبقي عليه الدين إلى وقت إسلامه. وكذلك قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أعطني فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا، فغرم - صلى الله عليه وسلم - ما يحمله العباس من ذلك بعد إسلامه مما أفاء الله على رسوله.

والترجمة صحيحة في جواز مفاداة المشركين من أيدي المسلمين وأن ذلك مباح بعد الإثخان، ومفاداة العباس لنفسه ولعقيل كان قبل الإثخان؛ فعاتب الله نبيه على ذلك، فلا تجوز المفاداة إلا بعد الإثخان وقلة قوة المشركين على المسلمين، أو لوجه من وجوه الصلاح يراه الإمام للمسلمين في ذلك. قاله ابن بطال .

[ ص: 278 ] وكذلك حديث جبير بن مطعم فيه: جواز فداء أسرى المشركين؛ لأن جبيرا جاء في فداء أسارى بني نوفل رهطه، فأطلقوا له بالفداء، وكان ذلك قبل الإثخان أيضا، وقد سلف اختلاف العلماء في فداء الأسرى أو المن عليهم أو قتلهم في باب: فإما منا بعد وإما فداء.

وقال ابن أبي صفرة: لم يأذن الشارع للأنصار في أسرى بدر لكفرهم وشدة وطأتهم، ألا ترى أنه عوتب في الفداء حتى يثخن في الأرض، فكيف يأذن في تركه حتى يثخن أدبا لهم، وإن كانت الأنصار قد طابت أنفسها، وشفع لأهل هوازن للرضاع الذي كان له فيهم، كما من على أهل مكة بإسلامهم، وترك مكة مما فيها من جميع الأموال للرحم.

التالي السابق


الخدمات العلمية