التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2886 [ ص: 279 ] 173 - باب: الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان

3051 - حدثنا أبو نعيم، حدثنا أبو العميس، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اطلبوه واقتلوه". فقتله فنفله سلبه. [ مسلم: 1754 - فتح: 6 \ 168]


ذكر فيه حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث ثم انفتل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اطلبوه واقتلوه". فقتلته، فنفلني سلبه.

هذا الحديث أخرجه مسلم، وفيه: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هوازن يعني حنينا. فذكره، وفي آخره: فقال: "من قتل الرجل؟" قالوا: ابن الأكوع. قال: "له سلبه أجمع" وللإسماعيلي: "على الرجل فاقتلوه" فابتدره القوم، وفي رواية: "من قتله فله سلبه".

قال ابن المنير: ترجمة الباب أعم؛ لأن الجاسوس حكمه غير حكم الحربي المطلق الداخل بغير أمان.

أما فقه الباب ففيه: قتل الجاسوس الحربي، وعليه جماعة العلماء، وفيه: طاعة الشارع. وفيه: نفل الأسلاب، ويأتي بيانه.

واختلف في الحربي يدخل دار الإسلام بغير أمان، فقال مالك: هو فيء لجميع المسلمين، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لمن وجده. وقال الشافعي : هو فيء إلا أن يسلم قبل الظفر

[ ص: 280 ] به. وظاهر الحديث يدل أنه لمن وجده؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أعطى سلبه لسلمة وحده؛ لأنه كان وجده، ومن قال: إنه فيء فلأنه مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، خرج من باب المغانم إلى باب الفيء، والفيء للإمام يصنع فيه ما شاء حيث شاء، ومن قال: إنه لمن وجده حكم له بحكم الغنائم أنها لمن أخذها بعد الخمس، وهو القياس كما قال الطحاوي، وفيه الخمس؛ لأنه لم يؤخذ بقوة من المسلمين.

واختلفوا في الحربي يدخل دار الإسلام ويقول: جئت مستأمنا. فقال مالك: الإمام مخير في ذلك يرى رأيه فيه، وهو قول الأوزاعي . وقال أبو حنيفة : هو فيء. وروى ابن وهب عن مالك في مركب تطرحه الريح إلى ساحل المسلمين، فيقولون: نحن تجار، إنهم فيء ولا يخمسون.

واحتج الشافعي بحديث سلمة بن الأكوع في أن السلب من رأس الغنيمة. قال ابن القصار : وسلمة إنما كان مستحقا لكل الغنيمة إلا الخمس منها؛ لأنه لم يكن من جملة عسكر، وإنما اتبعه وحده، فله ما أخذ منه غير الخمس، فترك الشارع له الخمس زيادة على الأربعة أخماس التي له، قال: وهذا يجوز عندنا كما لو رأى الحط في رد الخمس في وقت من الأوقات على الغانمين بفعل؛ لأن الخمس إليه يصرفه على ما يؤدي إليه اجتهاده، فلا دليل لهم في الحديث.

[ ص: 281 ] واختلف في الجاسوس المعاهد والذمي، فقال مالك والأوزاعي : يصير ناقضا للعهد، فإن رأى الإمام استرقاقه أرقه، ويجوز قتله عند الجمهور، كما قال النووي: لا ينتقض عهده بذلك إلا أن يكون شرط عليه انتقاضه به.

وأما المسلم، فعند الشافعي وأبي حنيفة وبعض المالكية في آخرين: يعزر مما يراه الإمام إلا القتل. وقال مالك: يجتهد فيه الإمام. قال عياض: قال كبار أصحابنا: يقتل.

واختلفوا في تركه بالتوبة، قال ابن الماجشون: إن عرف بذلك قتل وإلا عزر. وعند أبي حنيفة : السلب: ما على المقتول من ثياب وسلاح ومركب. وعندنا فيه تفاريع ذكرناها في الفروع.

التالي السابق


الخدمات العلمية