التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
2995 [ ص: 594 ] 5 - باب: إثم من قتل معاهدا بغير جرم

3166 - حدثنا قيس بن حفص، حدثنا عبد الواحد، حدثنا الحسن بن عمرو، حدثنا مجاهد، عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما". [6914 - فتح: 6 \ 269]


ذكر فيه حديث الحسن بن عمرو، ثنا مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما".

هذا الحديث ذكره في الديات مترجما أيضا بهذه الترجمة، وهو منقطع فيما بين عمرو ومجاهد كما بينه البرذعي في كتابه "المتصل والمرسل" بقوله: مجاهد عن ابن عمرو، ولم يسمع منه، وقد رواه مروان بن معاوية الفزاري: ثنا الحسن بن عمرو، عن مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبد الله بن عمرو.

قال الدارقطني : وهو الصواب. وزعم الجياني أن في نسخة أبي محمد الأصيلي : (عن عبد الله بن عمر) يعني: ابن الخطاب ولم يذكر خلافا عن أبي أحمد وأبي زيد.

وعند الإسماعيلي : "وإن ريحها ليوجد من سبعين عاما"، وأخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة مرفوعا: "ألا من قتل نفسا معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن

[ ص: 595 ] ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا"
وللنسائي من حديث أبي بكرة بإسناد صحيح نحوه.

فائدة:

قال أحمد: أربعة أحاديث تدور على ألسنة الناس ولا أصل لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة"، و"من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة"، و"نحركم يوم فطركم"، و"للسائل حق وإن جاء على فرس" وقد ثبت في "المقنع": بعضها مروي بأصل.

فصل:

هذا على طريق الوعيد، والرب تعالى فيه بالخيار.

فصل:

(يرح): بفتح أوله وثانيه، وبكسر ثانيه وهو قول أبي عمر، أي: لم يجد ريحها.

وروي بضم أوله وكسر ثانيه من: أراح يريح، وهو قول الكسائي، والأجود الأول وعليه أكثرهم، كما ذكره ابن التين .

وقال ابن الجوزي : هو اختيار أبي عبيد، وهي الصحيحة.

ويأتي أبسط من هذا في الديات.

فصل:

فيه كما قال المهلب : دلالة أن المسلم لا يقتل بالذمي؛ لأن الوعيد للمسلم في الآخرة لم يذكر قصاصا في الدنيا، وسيأتي مشبعا في موضعه.

[ ص: 596 ] فصل:

اختلف في ألفاظ الحديث في مسافة ريح الجنة، فسبق أربعة وسبعون، وفي "الموطأ" خمسمائة عام، فيحتمل والله أعلم كما قال ابن بطال أن الأربعين هي أقصى أشد العمر في قول الأكثرين، فإذا بلغها ابن آدم زاد عمله ويقينه، واستحكمت بصيرته في الخشوع لله والندم على ما سلف، فكأنه وجد ريح الجنة التي تعينه على الطاعة، وتمكن من قلبه الأفعال الموصلة إلى الجنة، فهذا وجد ريح الجنة على مسيرة أربعين عاما، وأما السبعون فإنها آخر المعترك، ويعرض للمرء عندها من الخشية والندم؛ لاقتراب أجله ما لم يعرض له قبل ذلك، وتزداد طاعته بتوفيق الله تعالى فيجد ريح الجنة من مسيرة سبعين عاما، وأما وجه الخمسمائة فهي فترة ما بين نبي ونبي فيكون من جاء في آخر الفترة، واهتدى باتباع النبي الذي كان قبل الفترة ولم يضره طولها فوجد ريح الجنة من خمسمائة عام.

التالي السابق


الخدمات العلمية