التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3026 3198 - حدثني عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه خاصمته أروى في حق زعمت أنه انتقصه لها [ ص: 22 ] إلى مروان، فقال سعيد: أنا أنتقص من حقها شيئا؟! أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين ". قال ابن أبي الزناد: عن هشام، عن أبيه قال: قال لي سعيد بن زيد: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: 2452 - مسلم: 1610 - فتح: 6 \ 293]


الشرح:

قوله: ( ومن الأرض مثلهن ) قيل: بين كل أرضين خمسمائة عام، وهي سبع أرضين لا سبعة أقاليم، وكذلك بين كل سمائين.

وحديث الباب: "يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين" قال الداودي: فيه دلالة على أن الأرضين بعضها على بعض ليس بينهما فرجة.

وقال مجاهد: يتنزل الأمر بينهن [الطلاق: 12] بين السماوات السبع إلى الأرضين السبع.

وقال الحسن: بين كل سماء خلق وأمر.

[ ص: 23 ] وروى البيهقي عن أبي الضحى مسلم، عن ابن عباس أنه قال: الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن [الطلاق: 12] قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى.

ثم قال: إسناد هذا الحديث عن ابن عباس صحيح، وهو شاذ، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا.

وفي سنن ابن ماجه: أن ما بين السماء والأرض مسيرة ثلاثة وسبعين سنة أو نحوها، وكذا بين كل سماء وسماء.

وقال الجورقاني: إنه حديث صحيح.

وهذا موافق لما دل عليه علم الهيئة بأن ما بين السماء والأرض ثمانين سنة، مسافة كل يوم منها ثلاثون ميلا إذا صعدت على استواء.

وما يذكره الناس أن بينهما خمسمائة عام لا دليل عليه.

[ ص: 24 ] وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح العمدة" فراجعه منه في الكلام على الخطبة.

و ( سمكها ) بفتح السين كما فسره.

و ( الحبك ) قد فسره. وقيل: ذات الطرائق، الواحدة: حبيكة، مثل طريقة وطرق، وقيل: الواحد: حباك كمثال ومثل.

وقال مجاهد: ذات البنيان. وقال الحسن: ذات النجوم. والأقوال متقاربة; لأن ذلك كله من زينتها وحسنها.

وقيل: ( الحبك ): الطرائق التي تكون في السماء من آثار الغيم.

ومعنى ( أذنت ): سمعت وقبلت، ومنه: "ما أذن الله لنبي كإذنه [ ص: 25 ] لنبي يتغنى بالقرآن".

وقوله: ( طحاها ): دحاها هو قول مجاهد.

قال أبو عبيدة: أي: بسطها يمينا وشمالا من كل جانب.

وما فسر به بالساهرة من كونها وجه الأرض هو قول مجاهد أي: كانوا في سفلاها فحملوا في أعلاها.

وقيل: الساهرة: أرض القيامة.

وقال ابن عباس: إنها الأرض.

ذكر البخاري في الباب أربعة أحاديث:

أحدها: حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، وكانت بينه وبين ناس خصومة في أرض، فدخل على عائشة فذكر لها ذلك، قالت: يا أبا سلمة، اجتنب الأرض، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين".

ثانيها: حديث سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أخذ شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين".

[ ص: 26 ] ثالثها: حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".

رابعها: حديث هشام، عن أبيه، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه خاصمته أروى في حق زعمت أنه انتقصه لها إلى مروان، فقال سعيد: أنا أنتقص من حقها شيئا؟! أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين" قال ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه قال: قال سعيد بن زيد: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وحديث عائشة، وابن عمر، وسعيد بن زيد تقدموا في المظالم، وحديث أبي بكرة سلف في العلم والحج ويأتي في التفسير أيضا، وسلف خطبته في الحج.

وقوله: ("وخسف به") أي: هوي به إلى أسفلها كما هوي بقارون.

وأما قول البخاري: (قال ابن أبي الزناد..) إلى آخره، ففائدته تصريح عروة بسماعه إياه من زيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية