التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
287 [ ص: 658 ] 28 - باب: إذا التقى الختانان

291 - حدثنا معاذ بن فضالة قال: حدثنا هشام ح. وحدثنا أبو نعيم، عن هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل". تابعه عمرو بن مرزوق عن شعبة مثله. وقال موسى: حدثنا أبان قال: حدثنا قتادة، أخبرنا الحسن مثله. [مسلم: 348 - فتح: 1 \ 395]


حدثنا معاذ بن فضالة، ثنا هشام ح. وثنا أبو نعيم، عن هشام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل". تابعه عمرو بن مرزوق عن شعبة مثله. وقال موسى: ثنا أبان، ثنا قتادة، أنا الحسن مثله

الكلام عليه من أوجه:

أحدها:

هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه أيضا، ومتابعة عمرو أخرجها مسلم.

[ ص: 659 ] ومتابعة موسى أخرجها البيهقي من حديث عفان بن مسلم وهمام بن يحيى عنه به بلفظ: "ثم أجهد نفسه فقد وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل".

وذكر الدارقطني اختلافا في إسناده، ثم قال: والصواب عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أي كما ذكره البخاري.

ثانيها: الضمير المستتر في (جلس)، والضمير البارز والمستتر في (جهدها) للرجل والمرأة، وإن لم يجر لهما ذكر فهو من المضمر الذي يفسره سياق الكلام كقوله تعالى: حتى توارت بالحجاب [ص: 32] وكذا قوله: (بين شعبها) من هذا الباب أيضا.

ثالثها:

الشعب جمع شعبة، ورواية النسائي "أشعبها" هو جمع شعبة، وفي المراد بها خمسة أقوال ذكرتها في "شرح العمدة".

[ ص: 660 ] والمختار منها أن المراد: نواحي الفرج الأربع، والشعب: النواحي، والأقرب عند الشيخ تقي الدين أن المراد: اليدين والرجلين، أو الرجلين والفخذين، فيكون الجماع مكنيا عنه بذلك، واكتفى بما ذكر عن التصريح.

رابعها:

قوله: (ثم جهدها) هو: بفتح الجيم والهاء، أي: بلغ جهده منها، وقيل: حفزها؛ أي: كدها بحركته. وقيل: بلغ مشقتها.

خامسها: في حكمه:

وهو أن إيجاب الغسل لا يتوقف على إنزال المني، بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب الغسل على الرجل والمرأة؛ ولهذا جاء في رواية أخرى في الصحيح: "وإن لم ينزل".

فيكون قوله: "جلس.. " إلى آخره خرج مخرج الغالب، لا أن الجلوس بين شعبها وجهدها شرط لوجوب الغسل، وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه خلاف لبعض الصحابة: كعثمان وأبي ومن بعدهم كالأعمش وداود، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا، وخالف بعض الظاهرية داود ووافق الجماعة، ومستند داود هو حديث: "إنما الماء من الماء".

[ ص: 661 ] وقد جاء في الحديث: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نسخ. رواه الترمذي وصححه; فزال ما استندوا إليه، وذهب ابن عباس وغيره أنه ليس بمنسوخ، بل المراد به: نفي وجوب الغسل بالرؤية] في النوم إذا لم ينزل.

وحديث أبي الآتي في الباب بعده عنه جوابان:

أحدهما: نسخه.

ثانيهما: أنه محمول على ما إذا باشرها فيما سوى الفرج.

وقال ابن العربي: قد روى جماعة من الصحابة المنع ثم رجعوا، حتى روي عن عمر أنه قال: من خالف في ذلك جعلته نكالا.

وانعقد الإجماع على ذلك، ولا يعبأ بخلاف داود في ذلك، فإنه لولا خلافه ما عرف، وإنما الأمر الصعب خلاف البخاري في ذلك، وحكمه بأن الغسل (أحوط)؛ أي: كما سيأتي عنه وهو أحد علماء الدين، والعجب منه أنه يساوي بين حديث عائشة في وجوب الغسل بالتقاء الختانين، وبين حديث عثمان وأبي في نفيه إلا بالإنزال، وحديث عثمان ضعيف، ثم أعله بعلل ستعرفها في الباب بعده مع الجواب عنها.

[ ص: 662 ] قال: وحديث أبي يصعب التعلق به; لأنه قد صح رجوعه عما روى لما سمع وعلم ما كان أقوى منه. ويحتمل قول البخاري الغسل أحوط -يعني في الدين- وهو باب مشهور في الأصول وهو الأشبه بإمامة الرجل وعلمه.

التالي السابق


الخدمات العلمية