التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3141 3319 - حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها، ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار، فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة ". [انظر: 3019 - مسلم: 2241 - فتح: 6 \ 356]


ذكر فيه حديث عائشة وابن عمر - رضي الله عنه - في ذلك وسلفا في الحج. وحديث جابر - رضي الله عنه -: "خمروا الآنية".

وقد سلف في الباب قبله وغيره حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في الحية سلف في الحج، وزاد البخاري هنا تعليقا عن حفص أسنده البخاري عن ولده عمر في الحج عنه، وتعليقا عن أبي معاوية، أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى وغيره عنه. قال ابن مسعود: نزلت والمرسلات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، ونحن معه نسير حتى أوينا إلى غار بمنى، فنزلت.

وقوله: (فإنا لنتلقاها رطبة من فيه) أي: مستطابة سهلة كالثمرة الرطبة السهلة الجني.

[ ص: 250 ] وقيل معنى (لنتلقاها): لنسمعها منه لأول نزولها كالشيء الرطب في أول أحواله. وبه جزم ابن التين، والأول أوقع تشبيها، ويدل عليه قوله - عليه السلام - في الخوارج: "يقرؤون القرآن رطبا لا يجاوز حناجرهم" أي: يستطيبون تلاوته ولا يفهمون معانيه.

وقوله: ("وقيت شركم") أي: قتلكم إياها; فإنه شر بالنسبة إليها، وإن كان خيرا بالنسبة إلينا.

وفيه: دلالة على صحة قول من قال باستصحاب الحال في أصل الضرر في أنواع الحيات.

وفيه: دلالة على قتل الحية في الحرم. والجحر: الكهف.

فصل:

في حديث جابر - رضي الله عنه -: "أوكوا الأسقية" أي: شدوها بالوكاء: وهو الخيط. "وأجيفوا الأبواب" أي: أغلقوها، يقال: جفأت الباب: أغلقته، ذكره القزاز، وهذا خلاف رواية البخاري; لأن أجيفوا لامه فاء، وجفأت لامه همزة. قال ابن التين: وما رأيت أحدا من أهل اللغة ذكر هذه الكلمة غير القزاز.

وقوله: ("واكفتوا صبيانكم") أي: ضموهم، ومنه: ألم نجعل الأرض كفاتا [المرسلات: 25] أي: يمشون على ظهرها أحياء، وإذا ماتوا ضمتهم إليها، وكل من ضم شيئا فقد كفته، وهو بكسر الفاء وهو ما في ابن فارس.

قال ابن التين: والأكثر بالضم، والفويسقة: الفأرة.

[ ص: 251 ] فصل:

ذكر فيه أيضا حديث ابن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهما -: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض".

وقد سلف في الشرب من حديث ابن عمر، وهو دليل على جواز اتخاذها ومنع تضييعها وأنه من الكبائر. ذكره الداودي.

وفيه: جواز رباطها إذا أطعمت.

والخشاش مثلث الخاء. وقال ابن التين: هو بالفتح: دوابها. وعند ابن (عيينة) بكسرها، إلا الخشاش من صغار الطير، فهو وحده بالفتح.

فصل:

ساق البخاري هنا حديث الهرة من طريق ابن عمر وأبي هريرة، وسلف طريق أسماء في (باب ما يقرأ بعد التكبير) وسلف طريق ابن عمر في الشرب كما أسلفناه.

وفي رواية للبخاري في حديث ابن عمر: "حتى ماتت جوعا فدخلت فيها النار".

وانفرد به مسلم من حديث جابر، ذكره في الكسوف، ولفظه: "وعرضت علي النار فرأيت امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها" الحديث. وفي أخرى له: "رأيت في النار امرأة حميرية سوداء طويلة" ولم يقل: من بني إسرائيل.

[ ص: 252 ] وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر (وأخرجه أحمد من حديث جابر).

فصل:

هذه المرأة يجوز أن تكون كافرة، لكن ظاهر الحديث إسلامها، وعذبت على إصرارها على ذلك. وليس في الحديث تخليدها. نعم، روى الحافظ أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" أنها كانت كافرة، وكذا البيهقي في "البعث والنشور" عن عائشة، فيكون من جملة استحقاقها النار حبس الهرة، وأبداه القاضي احتمالا، وأنكره النووي، فاستفده.

(فصل):

ذكر فيه أيضا حديث أبي هريرة في قتل النمل، وفيه: "فأحرق بالنار، فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة" وقد سلف في أثناء الجهاد.

وفيه: أنه لم يعب عليه قتل التي لدغته. وكره مالك قتله لمن آذاه، وقيل: إنما يقتلها من كان قاطنا غير مسافر وعسر عليه الانتقال، ولم يجد ما يزيله به فيقتلها حينئذ بغير النار.

التالي السابق


الخدمات العلمية