التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3210 3390 - أخبرني عبدة، حدثنا عبد الصمد، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليهم السلام -". [انظر: 3382 - فتح: 6 \ 419]


ذكر فيه تسعة أحاديث:

أحدها:

حدثنا عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله أخبرني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: من أكرم الناس؟ الحديث، وقد سلف قريبا.

ثانيها:

حدثنا محمد، ثنا عبدة، عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا.

وسعيد بن أبي سعيد لعله المقبري كيسان. وبخط الدمياطي قبالة سعيد اسمه عبد الله ولقبه أبو محمد القرشي الهباري الكوفي، مات [ ص: 435 ] سنة خمسين ومائتين، فليتأمل.

ومحمد هو ابن سلام بن الفرج أبو عبد الله السلمي مولاهم البيكندي، مات سنة خمس وعشرين ومائتين انفرد به البخاري، قال: وعبدة اسمه عبد الرحمن بن سليمان أبو حي الكلابي من أنفسهم ولقبه عبدة مات سنة سبع، وقيل تسع، وقيل ثمان وثمانين ومائة. قال أحمد: ثقة وزيادة مع صلاحه وشدة فقر.

ورواه أبو نعيم، عن أبي أحمد، ثنا عمران بن موسى، عن عثمان، عن عبدة، ثم قال: رواه -يعني: البخاري- عن عثمان (عن) عبدة كذا قال، والموجود خلافه كما قدمته، حدثنا محمد، ثنا عبدة، ورواه الإسماعيلي، عن الحسن، عن سفيان، ثنا إسحاق بن عبد الله، ثنا عبدة بن سليمان ومحمد بن بشر، عن عبيد الله.

الحديث الثالث:

حديث عائشة - رضي الله عنها -: "مري أبا بكر يصلي بالناس".

الحديث سلف في الصلاة.

وقولها: (إنه رجل أسيف) وفي رواية زائدة بعدها: رقيق، أي: رقيق القلب سريع البكاء والحزن، كذا فسره أبو عبيد في اللغة، الأسيف في اللغة: الذي لا يكاد يسمن.

وشيخ البخاري فيه بدل بن المحبر من أفراده قال البخاري: بصري. وقال مسلم: واسطي، مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

[ ص: 436 ] الحديث الرابع:

حديث أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه بمثله، وفيه: (رجل رقيق) وقد سلف في الصلاة أيضا. وشيخه فيه الربيع بن يحيى الأشناني من أفراده ثقة ثبت، مات سنة أربع وعشرين ومائتين.

الحديث الخامس:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة" تقدم في الصلاة. والوطأة: البأس والعقوبة. وقال الداودي: هي الأرض.

الحديث السادس:

حدثنا عبد الله بن (محمد) بن أسماء ابن أخي جويرية بن أسماء، ثنا جويرية بن أسماء، عن مالك، عن الزهري، أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه، عن أبي هريرة وإنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد" الحديث، وقد سلف ويأتي في التفسير.

وعبد الله شيخ البخاري أخرج له أبو داود، والنسائي، ومسلم، مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

قال أحمد الدورقي: لم أر بالبصرة أفضل منه.

وعمه جويرية بن أسماء بن عبيد بن مخراق أبو أسماء، وقيل: أبو مخراق، مات سنة ثلاث وسبعين. وأبو عبيد هذا هو سعد بن [ ص: 437 ] عبيد مولى ابن أزهر الزهري.

الحديث السابع:

حديث مسروق: سألت أم رومان وهي أم عائشة - رضي الله عنهما - عما قيل فيها ما قيل، قالت: بينا أنا وعائشة .. أخذتها الحمى، فذكر قطعة من حديث الإفك.

ويأتي في التفسير في سورة يوسف والنور وهذا الحديث اختلف في سنده من حيث إن أم رومان دعد، ويقال: زينب بنت عمير بن عامر، وقيل بنت عامر بن عويمر الكنانية بفتح الراء منها وتضم. قال ابن سعد وأبو حسان الزيادي: إنها ماتت في حياة رسول الله سنة ست، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبرها. زاد الزبير: في ذي الحجة.

وقال أبو عمر: سنة أربع، وقيل: سنة خمس، فعلى هذا لا يتجه سماع مسروق منها، ويكون حديثه منقطعا.

وأما على قول أبي إسحاق الحربي في "تاريخه" و"علله": سأل مسروق أم رومان وله خمس عشرة سنة ومات وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وهي أقدم من حدث عنها مسروق وقد صلى خلف أبي بكر وعمر. وقول أبي نعيم [ ص: 438 ] الحافظ: بقيت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دهرا طويلا، فهو متصل.

وأباه الخطيب، وقال: العجب من الحربي كيف خفي عليه سؤال مسروق لها مع علو قدره في العلم؟!

وأحسب العلة التي دخلت عليهما اتصال السند وثقة رجاله فلم يفكر فيما وراء ذلك فهي العلة التي دخلت على البخاري حتى خرجه.

وأما مسلم فلم يخرجه، ورجاله على شرطه، وأحسبه فطن لاستحالته فتركه.

وقول الحربي سألها وله خمس عشرة سنة. فعلى هذا كان له وقت وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضع عشرة سنة، فما الذي منعه أن يسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: لكن البخاري لما ذكر رواية علي بن زيد بن جدعان، عن القاسم: ماتت أم رومان زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فيه نظر -أي: لضعف علي وانقطاع حديث القاسم- وحديث مسروق أسند.

قال الخطيب: لم يزل حديث مسروق هذا يختلج في صدري وأستنكره سنين فلا أعرف له علة لثقته واتصال سنده حتى رأيت في رواية لحصين، عن مسروق، عن أم رومان فجوزت أن يكون مسروق أرسل الرواية عنها، وقد ذكر أن حصينا اختلط في آخر عمره، فلعله روى الحديث في حال اختلاطه. وفي رواية عن مسروق: سئلت أم رومان. وهذا أشبه بالصحة; لأن من الناس من يكتب الهمزة ألفا في جميع أحوالها: الرفع والنصب والخفض، ولعل بعض النقلة كتب: "سئلت" بالألف فقرأه الراوي "سألت" ودون عليه ورواه. ووقع في كتابه: [ ص: 439 ] ورواه مسروق عن ابن مسعود عنها. قال: وهو الأشبه.

وقال ابن ناصر السلامي: يكون كأنه روى عن ابن مسعود عنها. والذي قاله غير واحد أن الأولى مرسلة.

قال أبو عمر: رواية مسروق، عن أم رومان مرسلة.

وقال الحميدي: كان بعض من لقينا من البغداديين الحفاظ يقول: الإرسال في هذا الحديث بين.

وقال ابن العربي: العنعنة في رواته، إنه أصح.

وقال السهيلي: قيل: إنه وهم في الحديث.

قال الداودي: رواه وائل عن أم رومان.

وفيه من الوهم أن أم مسطح من قريش وقالت: (ولجت علينا امرأة من الأنصار)

وفيه: (فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئا) خلاف قول عائشة: فما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مجلسه ولا خرج من البيت حتى نزلت براءتها.

وقال ابن التين: هو أصح من هذا; لأنه رواه الزهري عن ابن المسيب وعروة وعبيد الله وعلقمة بن وقاص عنها.

[ ص: 440 ] وإنما ذكره هنا لذكر يوسف حيث قالت: (فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه).

وفي أبي داود من حديث حميد الأعرج، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - أنه - صلى الله عليه وسلم - لما كشف وجهه حين جاءه جبريل قال: "أعوذ بالله السميع من الشيطان الرجيم إن الذين جاءوا بالإفك ثم قال: هذا حديث منكر، وقد روى هذا الحديث عن الزهري غير واحد، لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة فيه من كلام حميد.

الحديث الثامن:

حديث عروة أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت قوله تعالى: حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا [يوسف: 110] أو: (كذبوا) [يوسف: 110] قالت: بل كذبهم قومهم. فقلت: والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم، وما هو بالظن. فقالت: يا عرية، لقد استيقنوا بذلك. قلت: فلعلها أو كذبوا قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها، وأما هذه الآية. قالت: هم أتباع الرسل.. الحديث.

قال أبو عبد الله: استيأسوا [يوسف: 80]: (استفعلوا) من يئست. وسيأتي في التفسير سورة البقرة ويوسف.

واختلف في معنى هذه الآية فقيل: استيئسوا أن يأتي قومهم العذاب. وقيل: يئسوا من إيمان قومهم.

[ ص: 441 ] قال ابن التين: ليس وزنه كما ذكر البخاري افتعلوا ولكن استفعلوا. وكذلك هو في بعض الروايات، وقد أسلفناه أولا.

وقول عائشة - رضي الله عنها -: (والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم وما هو بالظن) هذا قول قتادة، وهو معروف في اللغة أن الظن بمعنى اليقين ومنه قوله تعالى: وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه [التوبة: 118].

وفي الآية قول آخر على قراءة التشديد أن الظن على بابه، ويتأول على عائشة هنا: طال على المؤمنين البلاء واستأخر عنهم النصر فظن الرسل أن أتباعهم كذبوهم، قيل وهو أحسن.

وقول ابن مسعود وابن عباس [كذبوا] بضم الكاف والتخفيف.

واختلف قول ابن عباس في تأويله فقال: إنهم ضعفوا، وقال: إنهم كسروا.

والثاني: ظن قومهم أن الرسل كذبوا، فالضمير في (كذبوا) يعود على القوم على هذا. وقرأ مجاهد (كذبوا) بفتح الكاف والتخفيف، وفسره: وظن قومهم. أي: كذبوهم، وهو كالذي قبله في المعنى. وقال ابن عرفة: الكذب الانصراف عن الحق، يقال: حمل فما كذب. أي: ما انصرف عن القتال، فمعنى (كذبوا) أي: تكذيبا لا تصديق بعده.

وقولها: (يا عرية) هو تصغير عروة وأصله عريوة إلا أنه اجتمع حرفا علة وسبق الأول بالسكون جعلوهما ياءين وأدغموا الأولى في الثانية.

[ ص: 442 ] وقوله: ولا تيأسوا من روح الله معناه الرجاء، أي لرحمته تعالى.

الحديث التاسع:

حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "الكريم ابن الكريم" إلى آخره.

سلف قريبا، والبخاري رواه ثم عن إسحاق بن منصور، أنا عبد الصمد، وهنا رواه عن عبدة، ثنا عبد الصمد، ورواه في التفسير عن عبد الله بن محمد، ثنا عبد الصمد.

وعبدة هذا هو ابن عبد الله بن عبدة أبو سهل الصفار الخزاعي البصري مات بالأهواز سنة ثمان وخمسين ومائتين، انفرد به البخاري، وعنه الأربعة أيضا. وفي الستة عبدة بن سليمان الكلابي سلف قريبا.

وعبدة بن أبي لبابة لم يرو له أبو داود، وفي أبي داود عبدة بن سليمان المروزي. وفي النسائي عبدة بن عبد الرحيم المروزي، مات بدمشق سنة أربع وأربعين ومائتين.

التالي السابق


الخدمات العلمية