التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
294 [ ص: 40 ] 4 - باب: من سمى النفاس حيضا

298 - حدثنا المكي بن إبراهيم قال: حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، أن زينب ابنة أم سلمة حدثته، أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجعة في خميصة إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي قال: " أنفست؟ " قلت: نعم. فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة. [322، 323، 1929 - مسلم:296 - فتح: 1 \ 402] .


حدثنا مكي بن إبراهيم ثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، أن زينب بنت أم سلمة حدثته، أن أم سلمة حدثتها قالت: بينا أنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعة في خميصة إذ حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتي فقال: "نفست؟ " قلت: نعم. فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة.

الكلام عليه من أوجه:

أحدها:

وجه مطابقة الحديث ما ترجم له، فإن فيه تسمية الحيض نفاسا لا عكسه لما قال لها - صلى الله عليه وسلم: "أنفست؟ " أجابت بنعم، وكانت حائضا، فقد جعلت النفاس حيضا، وفي ابن ماجه: فقال: "أنفست؟ " قلت: وجدت ما تجد النساء من الحيضة.. الحديث.

أو أنه نبه على إلحاق النفاس بالحيض في منافاة الصلاة ونحوها؛ لأنه لم يجد حديثا على شرطه في حكم النفاس، فاستنبط من الحديث أن حكمهما واحد، وإن كان في الباب حديث أم سلمة: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين يوما. وثق البخاري بعض [ ص: 41 ] رجاله كما نقله الترمذي وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

[ ص: 42 ] وظن المهلب ومن معه أنه يلزم من تسمية الحيض نفاسا تسمية النفاس حيضا، وليس كذلك؛ لجواز أن يكون بينهما عموم كالإنسان والحيوان، وإنما أخذه البخاري من غير هذا، وهو أن الموجب لتسمية الحيض نفاسا أنه دم، والنفس الدم، فلما اشتركا في المعنى الذي لأجله سمي النفاس نفاسا، وجب جواز تسمية الحيض نفاسا، وفهم أنه دم واحد، وهو الحق، فإن الحمل يمنع خروج الدم المعتاد، فإذا وضعت خرج دفعة، وهذا ينبني على أن تسمية النفاس لم يكن لخروج النفس التي هي النسمة، وإنما هو لخروج الدم.

ثانيها:

هذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في النوم مع الحائض وهي في ثيابها، وممن أخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر، كما سيمر بك قريبا، وأخرجه في الصوم أيضا، وأخرجه مسلم في الطهارة.

ثالثها:

الخميصة -بفتح الخاء المعجمة- كساء مربع له علمان، وقيل: من خز ثخين أسود وأحمر له أعلام ثخان، قاله ابن سيده.

[ ص: 43 ] وقال الجوهري: كساء أسود مربع، وإن لم يكن معلما فليس بخميصة.

رابعها:

الخميلة -بالخاء المعجمة- ثوب له خمل من أي لون كان، وقيل: الخميل: الأسود من كل الثياب، ثم قيل: هي القطيفة، وقيل: هي هي، وبه جزم ابن منده.

والخمل: هدب القطيفة ونحوها مما ينسج وتفضل له فضول، وفي "الصحاح": هي الطنفسة.

خامسها:

قولها: (فانسللت)، أي: ذهبت في خفية خوفا من وصول شيء من دمها إليه، أو قذرت نفسها ولم ترتضها لمضاجعته، أو خافت نزول الوحي فانسلت؛ لئلا يشغله حركتها عما هو من الوحي أو غيره.

سادسها:

قولها: (فأخذت ثياب حيضتي) بكسر الحاء، أي: التي أحيض فيها، وقوله: ("أنفست") أي: حضت، وهو بفتح النون على الأصح كما سلف أول الحيض.

سابعها:

فيه جواز النوم مع الحائض والاضطجاع معها وهو إجماع.

التالي السابق


الخدمات العلمية