التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3218 3399 - حدثني عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر ". [انظر: 3330 - مسلم: 1470 - فتح: 6 \ 430]


الشرح:

قال مجاهد: الثلاثون ذو القعدة وأتممناها بعشر ذي الحجة، والفائدة في قوله: فتم ميقات ربه أربعين ليلة أن العشر ليال لا ساعات. وقيل: تأكيد.

[ ص: 462 ] وقوله: جعله دكا قال قتادة: دك بعضه على بعض. وقيل: جعله مستويا مع وجه الأرض، مثل ناقة دكاء لا سنام لها. وقال عكرمة: لما نظر الله إلى الجبل صار صحراء ترابا. وقرئ (جعله دكاء) أي: صار أرضا دكاء وهي الناتئة التي لا تبلغ أن تكون جبلا.

وقوله: وخر موسى صعقا قال قتادة: مغشيا عليه. وقيل: ميتا.

وقوله: تبت إليك قال مجاهد: أي من أن أسألك الرؤية. وقوله: وأنا أول المؤمنين أي: أول من آمن أنه لا يراك أحد في الدنيا إلا مات; لأن سؤاله كان في الدنيا وأشربوا قال قتادة: أي حبه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم.

ثم ذكر حديث أبي هريرة: "لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم" الحديث، وقد سلف، وأخرجه مسلم أيضا.

وحديث أبي سعيد: "الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" وسلف في الإشخاص، ويأتي في سورة الأعراف.

[ ص: 463 ] وقال في رواية أخرى: "يصعق الناس فأكون أول من تنشق عنه الأرض" وهذا هو الصحيح; لأن الإفاقة غير الانشقاق، والصعقة حين ينفخ في الصور النفخة الأولى، ألا ترى أنه قال هنا: "فأكون أول من يفيق" ثم قال: "لا أدري أفاق قبلي".

وكذا قال الداودي مرة: قوله: "فأكون أول من يفيق" ليس بمحفوظ، واضطربت الرواية في هذا الحديث، وقل من يسلم معه منهم من الوهم.

والصحيح: "فأكون أول من تنشق عنه" والانشقاق غير الإفاقة.

وقال القاضي عياض: الصعق والصعقة والصاعقة: الموت والهلاك والغشي أيضا. قال: فيجوز أن تكون الصعقة صعقة فزع بعد النشر حين تنشق السموات والأرض جميعا

قال: وأما قوله: "فلا أدري أفاق قبلي" فيحتمل أن يكون قبل أن يعلم أنه أول من تنشق عنه الأرض، إن حملنا اللفظ على ظاهره وانفراده وتخصيصه، وإن حمل على أنه من الزمرة الذين هم أول من تنشق عنهم الأرض لا سيما على رواية من روى: "أو في أول من يبعث" فيكون موسى أيضا من تلك الزمرة، وهي زمرة الأنبياء عليهم السلام.

[ ص: 464 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية