التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3224 3405 - حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن الأعمش قال: سمعت أبا وائل قال: سمعت عبد الله - رضي الله عنه - قال: قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسما، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: " يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ". [انظر: 3150 - مسلم: 1062 - فتح: 6 \ 436]


[ ص: 474 ] ذكر فيه ثلاثة أحاديث.

أحدها:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا وقولوا: حطة. فبدلوا، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة".

هذا الحديث رواه البخاري في التفسير في تفسير سورة البقرة عن محمد، ثنا ابن مهدي.

قال أبو علي: نسبه ابن السكن وحده ابن سلام، قال الجياني: والأشبه أن يكون ابن بشار أو ابن مثنى.

وقد ذكر (أبو أحمد) أن ابن بشار وابن مثنى من جملة من خرج عنهما البخاري في "الصحيح" عن ابن مهدي، ولم يذكر ابن سلام.

وأخرجه في تفسير سورة الأعراف عن إسحاق، عن عبد الرزاق.

وأخرجه مسلم آخر الكتاب وصححه الترمذي، وللنسائي: "فدخلوا يزحفون على أوراكهم" أي منحرفين. ولا خلاف كما قال ابن العربي: أن القرية في الآية بيت المقدس. وقال السهيلي: هي أريحا، وقيل: مصر، وقيل: البلقاء، وقيل: الرملة.

[ ص: 475 ] وفي "تفسير الجوزي": هي قرية الجبارين والباب الذي أمروا بدخوله هو باب المسجد الثامن وهو من جهة القبلة. وعن الضحاك يقال له: باب حطة. وقال مجاهد: من باب إيلياء باب بيت المقدس.

وكذا قال مقاتل: إيلياء. وحكى القرطبي قولا أنه باب القرية، وآخر أنه باب قرية فيها موسى.

وقوله: (سجدا) قال ابن عباس: منحنين ركوعا، وقيل: خضوعا وشكرا لتيسير الدخول.

وقوله: (حطة): أي مغفرة، قاله ابن عباس، أو لا إله إلا الله قاله عكرمة، أو حط عنا ذنوبنا قاله الحسن، أو أخطأنا فاعترفنا.

وقال ابن الجوزي: فقالوا: حطا (سمعانا): أي حنطة حمراء؛ استخفافا بأمر الله. قال الكلبي: تعبدوا بقولها. وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: مسألتنا وأمرنا حطة. وقال صاحب "المطالع": حطة بدل من حنطة.

قال ابن العربي: أخبرني بعض الأحبار أنهم قالوا بلغتهم: (سقنا أزه هذبا) تفسيره: حبة مقلوة في شعرة مربوطة.

[ ص: 476 ] وقوله: "حبة في شعرة" روي عن ابن مسعود أنهم قالوا: حبة حمراء، وهي معنى فبدل الذين ظلموا [البقرة: 59] وروى المروزي: شعيرة.

فلما عصوا عاقبهم الله بالرجز وهو الطاعون، والظلمة، هلك منهم سبعون ألفا في ساعة واحدة. وانظر الفرقان بين هذه الأمة وتلك الأمة، أولئك أذنبوا ودلوا على طريق التوبة تلاعبوا، وهذه الأمة تتدارك جهدها ولله الحمد.

الحديث الثاني:

حديث عوف، عن الحسن ومحمد وخلاس، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة موسى واغتساله.

وقد سلف في الطهارة قال الترمذي: الحسن لم يسمع من أبي هريرة، ولا من علي. والأدرة: بضم الهمزة وسكون الدال وبفتحها حكاه ابن فارس.

وقوله: ("لندبا") هو بفتح النون والدال الأثر، أو أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد. وفي آخره فنزلت: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى الآية.

[ ص: 477 ] وروى علي بن أبي طالب قال: صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل: أنت قتلته، كان ألين لنا منك وأشد حبا، فأوذي من ذلك فأمر الله ملائكة فحملته فمروا به على مجالس بني إسرائيل، فتكلمت الملائكة بموته حتى علمت بنو إسرائيل أنه قد مات، فدفنوه، فلم يعلم موضع قبره إلا الرخم، فإن الله جعله أصم أبكم.

وقوله: وكان عند الله وجيها كلمه تكليما، وقرئ شاذا: عبدا بالباء.

وروي أن قارون قال لامرأة وضيئة من بني إسرائيل: هل لك أن أمولك وأخلطك بأهلي وتأتيني إذا جلس عندي الملأ من بني إسرائيل فتقولي: اكفني موسى فإنه أرادني على نفسي؟ فلما جلس وعنده الملأ أتته فقلب الله قلبها، فقالت: أيها الملأ إن قارون قال لي كذا وكذا، فنكس رأسه وعلم أنه هالك، وبلغ الخبر موسى وكان شديد الغضب فجعل يصلي ويبكي ويقول: يا رب أراد فضيحتي فأوحى الله إليه، أمرت الأرض أن تطيعك فمرها بما شئت، فأقبل إلى قارون فلما رآه قال: يا موسى ارحمني، قال: يا أرض خذيهم، فخسف به وبمن معه وبداره الأرض إلى الكعبين، قال: يا موسى ارحمني، قال: يا أرض خذيهم فخسف به وبمن معه وبداره إلى الحقوين، قال: يا موسى ارحمني، قال: يا أرض خذيهم فخسف به وبمن معه وبداره فهو يتجلجل إلى يوم القيامة. وكان قارون ابن عم موسى وذلك قوله: كان من قوم موسى [القصص: 76].

[ ص: 478 ] الحديث الثالث:

حديث عبد الله: "يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر".

وقد سلف قريبا في الغنائم ويأتي في المغازي في موضعين وفي الأدب والاستئذان والدعوات، وأخرجه مسلم في الزكاة.

التالي السابق


الخدمات العلمية