التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3240 3422 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال: ليس ص من عزائم السجود، ورأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها. [انظر: 1069 - فتح: 6 \ 455]


ثم ذكر عن مجاهد قال: قلت لابن عباس: أنسجد في ص فقرأ: ومن ذريته داود وسليمان حتى أتى فبهداهم اقتده فقال ابن عباس: نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ممن أمر أن يقتدي بهم.

[ ص: 511 ] ثم ساق عن ابن عباس رضي الله عنهما: ليس ص من عزائم السجود.

وهذا سلف في سجود التلاوة.

الشرح:

الأيد : القوة ومن قولهم: أيده الله. والأواب: المطيع، قاله قتادة أو الراجع عن الذنوب قاله مجاهد. وأواب على التكثير.

وإشراق الشمس: ضوؤها وصفاؤها. وقوله: والطير محشورة كل له أواب [ص: 19] يجوز أن يكون المعنى في (كل) الجبال والطير، أي يرجع مع داود التسبيح، ويجوز أن يعني بقوله: كل له : داود والجبال والطير، ذكره ابن التين.

وقوله: وشددنا ملكه قال مجاهد: لم يكن في الأرض سلطان أعز من سلطانه. قال السدي: كان يحرسه كل ليلة أربعة آلاف.

وقال ابن عباس: شددنا ملكه بأن الوحي كان يأتيه.

وروي عن ابن عباس اختصم رجلان إلى داود فقال: هذا غصبني بقرا فجحده الآخر، فأوحى الله إلى داود أن يقتل الرجل الذي استعدى عليه، فأرسل داود إلى الرجل: إن الله أوحى إلي أن أقتلك، فقال الرجل: أتقتلني بغير بينة، فقال: لا نرد أمر الله فيك فلما عرف الرجل أنه قاتله قال: والله ما أخذت بهذا الذنب، ولكني كنت أغلب والد هذا، فقتلته، فأمر بهداود فقتل، فاشتدت هيبة بني إسرائيل عند [ ص: 512 ] ذلك، فهو قوله: وشددنا ملكه وقوله: وآتيناه الحكمة قيل: هي المعرفة بكتاب الله. وقال السدي: النبوة وقال مجاهد: عدله. وقول مجاهد: وفصل الخطاب الفهم في القضاء. وقال قتادة: فصل القضاء، وقال الشعبي: الشهود والأيمان.

ورواه الحكم عن مجاهد، وروي عن الشعبي أيضا: هو أما بعد.

وقوله: إذ تسوروا المحراب أي: علوا. والمحراب كل مكان مرتفع، وقوله: بغى بعضنا على بعض أي: على جهة المسألة، كما تقول: رجل يقول لامرأته: كذا، ما يجب عليه؟

ولا تشطط : لا تسرف كما ذكره، وقال غيره: لا تجر، وشط يشط ثلاثي إذا بعد وقرئ به.

سواء الصراط : قصد السبيل. وأصح ما روي في قوله: أكفلنيها قول عبد الله بن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما -: ما زاد داود على أن قال: انزل لي عنها وضمها إلي.

والمعنى -على ما يروى- أن داود سأل أوريا أن يطلق له امرأته كسؤال الرجل بيع جاريته، فعاتبه الله على ذلك لما كان نبيا، وكان له تسع وتسعون أنكر عليه أن يتشاغل بالدنيا.

[ ص: 513 ] وعزني غلبني كما في البخاري، وعبارة غيره: قهرني، قاله الحسن وقتادة أي: قهره في المحاروة: ومنه: من عز بز.

وقوله: لقد ظلمك بسؤال نعجتك (أي: سؤاله نعجتك) وقوله: وظن داود أي: أيقن. وقراءة (فتناه) بتخفيف النون يعني: الملكين.

وقوله: وخر راكعا أي: ساجدا، قال مجاهد: سجد أربعين ليلة من غير أن يسأل ربه شيئا.

وقال سفيان: يروى أنه أقام أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لصلاة أو حاجة لا بد له منها. قال قتادة: وأناب أي: تاب.

فبهداهم اقتده احتج به من يرى أنا مخاطبون بشرائع من قبلنا من الأنبياء، وقيل: المراد به التوحيد. والسجود في ص عندنا سجدة شكر خلافا لمالك، ويدل عليه قوله: إنها ليس من عزائم السجود، وهو صريح في الرد عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية