التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
297 303 - حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا الشيباني قال: حدثنا عبد الله بن شداد قال: سمعت ميمونة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها، فاتزرت وهي حائض. ورواه سفيان، عن الشيباني. [ مسلم: 294 - فتح: 1 \ 405] .


حدثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، كلانا جنب. وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض. وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض.

[ ص: 45 ] وهذا الحديث أخرجه مسلم، وسلف في باب: هل يدخل الجنب يده في الإناء من حديث القاسم عنها بدون الزيادة الأخيرة.

وسفيان: هو الثوري.

ثم قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل، أنا علي بن مسهر، أنا أبو إسحاق هو الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضا، وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها. قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يملك إربه؟ تابعه خالد وجرير، عن الشيباني.

أما حديث علي بن مسهر فأخرجه مسلم أيضا.

وأما متابعة جرير بن عبد الحميد فأخرجها أبو داود عن عثمان عنه، وأخرجها ابن ماجه أيضا، وتابعه أيضا محمد بن إسحاق، أخرجها ابن ماجه.

والشيباني: هو سليمان بن فيروز، كوفي، وإسماعيل شيخ [ ص: 46 ] البخاري ومسلم خزاز ثقة، مات سنة خمس وعشرين ومائتين.

ثم قال البخاري: حدثنا أبو النعمان ثنا عبد الواحد ثنا الشيباني ثنا عبد الله بن شداد سمعت ميمونة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها، فاتزرت وهي حائض. ورواه سفيان، عن الشيباني.

أما حديث عبد الواحد فأخرجه مسلم. وتابع ميمونة مولاتها ندبة أو بدية، رواه ابن ماجه.

ومتابعة سفيان في أبي داود نحوها، فإن لفظه: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى وعليه مرط، وعلى بعض أزواجه منه، وهي حائض.

إذا عرفت ذلك فالكلام على هذه الأحاديث في ألفاظها، ثم حكمها.

فـ (فور حيضتها): بالفاء وهو غليانه، وقيل: ابتداء أمره، ويقويه حديث أم حبيبة: كانت إحدانا في فورها أول ما تحيض تشد عليها إزارا إلى أنصاف فخذيها، ثم تضطجع معه - صلى الله عليه وسلم. أخرجه ابن ماجه بسند جيد.

[ ص: 47 ] والإرب: الحاجة، قال الخطابي: أكثر الرواة يكسرون الهمز فيه، أي: عضوه، وإنما هو مفتوح الراء، وهو الوطر وحاجة النفس، وقد يكون الإرب: الحاجة أيضا، والأول أبين رأيا، حكاه صاحب "الواعي".

وأما ابن سيده، فقال: الإرب -بكسر الهمزة- جمع إربة، وهي الحاجة وكذا قال أبو جعفر النحاس: أخطأ من رواه بكسر الهمز، وإنما هو بفتحها، وقال عبد الغافر في "مجمع الغرائب": الأرب والإربة بمعنى الحاجة.

وأما حكمها فهو صريح في جواز مباشرة الحائض فيما فوق الإزار وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وجماعات قبلهم، وقال أحمد وإسحاق وداود وبعض الشافعية والحنفية والمالكية: يستمتع بها ما دون الفرج.

وهو قول علي وابن عباس وأبي طلحة وخلق، وفيه قوة للحديث السالف أول الباب: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" لكن أشار الشافعي إلى تضعيفه، وزعم أهل الظاهر أن وطأها فيما دون الفرج حرام خشية الوطء، وعن بعض الشافعية: أن من ضبط نفسه عن الوطء لقوة ورع أو ضعف شهوة جاز له المباشرة، أو غيره فلا.

[ ص: 48 ] فرع:

الوطء في الحيض حرام بالإجماع، ونص الشافعي على أنه كبيرة.

قال الماوردي: ويكفر مستحله ويندب أن يتصدق بدينار إن وطئ أول الدم، وهو قوته، وبنصفه إن وطئ الحرة، وقيل: يجب، وفيه حديث له طرق، صحح الحاكم إسناده.

والجمهور على الأول، وقال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد في رواية، وفي قول قديم أنه يجب عتق رقبة؛ لأثر فيه عن عمر، وبه قال الحسن وسعيد، ونقل عن الحسن: يعتق رقبة، أو عشرين صاعا لأربعين مسكينا، وعن قتادة: إن كان واحدا فدينار، وإن لم يجد فنصف دينار على الزوج دون الزوجة.

التالي السابق


الخدمات العلمية