التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
299 [ ص: 56 ] 7 - باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية [انظر: 324] ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه. وقالت أم عطية: كنا نؤمر أن يخرج الحيض، فيكبرن بتكبيرهم ويدعون. وقال ابن عباس: أخبرني أبو سفيان، أن هرقل دعا بكتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ، فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة ". الآية [آل عمران: 64]. [انظر: 7] وقال عطاء، عن جابر: حاضت عائشة فنسكت المناسك غير الطواف بالبيت، ولا تصلي [انظر: 1557] وقال الحكم: إني لأذبح وأنا جنب. وقال الله: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه [الأنعام: 121] .

305 - حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما يبكيك؟ " قلت: لوددت والله أني لم أحج العام. قال: "لعلك نفست؟ " قلت: نعم. قال: " فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 1 \ 407] .


حدثنا أبو نعيم، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج، فلما جئنا سرف طمثت، فدخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا [ ص: 57 ] أبكي، فقال: "ما يبكيك؟ " قلت: لوددت والله أني لم أحج العام. قال: "لعلك نفست؟ " قلت: نعم. قال: "فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري".

الشرح:

مقصود البخاري -رحمه الله- بما اشتملت عليه جميع هذا المذكور في الترجمة أن هذا الحدث الأكبر وما في معناه من الجنابة لا ينافي كل عبادة، بل صحت معه عبادات بدنية من أذكار وتلاوة وغيرهما، فمناسك الحج من جملة ما لا ينافيه الحدث الأكبر إلا الطواف فقط، وقد سلف -في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض- اختلاف العلماء في جواز قراءة القرآن للحائض والجنب واضحا فراجعه منه.

قال المهلب: في شهود الحائض المناسك كلها وتكبيرها في العيدين دليل على جواز قراءتها القرآن؛ لأن من السنة ذكر الله في المناسك، وفي كتابه إلى هرقل بآية دليل على ذلك وعلى جواز حمل الحائض والجنب القرآن؛ لأنه لو كان حراما لم يكتبه إليهم. وهو يعلم أنهم يمسونه بأيديهم.

لكن القرآن وإن كان لا يلحقه أذى، ولا تناله نجاسة فالواجب تنزيهه، وترفيعه عن من لم يكن على أكمل أحوال الطهارة؛ لقوله تعالى: في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة [عبس: 13 - 14] وقد سلف الجواب عن ذلك في الباب المشار إليه، وما حكاه البخاري عن إبراهيم -وهو النخعي- لا بأس أن تقرأ الآية، روى عنه ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن مغيرة عنه قال: تقرأ ما دون الآية، ولا تقرأ آية تامة.

[ ص: 58 ] وروي عن أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عن عطاء، وعن حماد عنه، وعن سعيد بن جبير: في الحائض والجنب يستفتحون رأس الآية ولا يتمون آخرها.

قال: وحدثنا وكيع عن شعبة، عن حماد أن سعيد بن المسيب قال: يقرأ الجنب القرآن. قال: فذكرته لإبراهيم فكرهه.

وحدثنا وكيع [عن سفيان]، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كان يقال: اقرأ القرآن ما لم تكن جنبا.

وحدثنا وكيع، عن شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عمر، قال: لا تقرأ الحائض القرآن.

وأما أثر ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة، عن الثقفي، عن خالد، عن عكرمة، عنه: أنه كان لا يرى بأسا أن يقرأ الجنب الآية أو الآيتين.

وأما حديث: (يذكر الله على كل أحيانه) فأخرجه مسلم من حديث عائشة.

قال الطبري في "تهذيبه": الصواب أن ما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - من ذكر الله على كل أحيانه، وأنه كان يقرأ ما لم يكن جنبا، أن قراءته طاهرا اختيارا [ ص: 59 ] منه لأفضل الحالتين، والحالة الأخرى، أراد تعليم الأمة، وإن ذلك جائز لهم غير محظور عليهم الذكر وقراءة القرآن.

وقال غيره: هو أصل في جواز الذكر بالتسبيح والتهليل وشبههما من الأذكار، وكأنه إجماع، إنما الخلاف في القراءة، فيكون الحديث مخصوصا بما سوى هذه الأحوال.

وحديث أم عطية سيأتي مسندا قريبا، وفي الصلاة، وحديث أبى سفيان سبق مسندا.

وحديث جابر سيأتي مسندا في المناسك غير قوله: (ولا يصلي)، فإنه يحتمل أن يكون من كلام عطاء، أو من كلام البخاري، وحديث عائشة سلف في أول الحيض واضحا.

التالي السابق


الخدمات العلمية